ليدخلنهم مدخلا يرضونه: أي الجنة يوم القيامة.
ذلك: أي الأمر ذلك المذكور فاذكروه ولا تنسوه.
ثم بغى عليه: أي ظُلم بعد أن عاقب عدوه بمثل ما ظلم به.
يولج الليل في النهار: أي يدخل جزءاً من الليل في النهار والعكس بحسب فصول السنة كما أنه يومياً يدخل الليل في النهار إذا جاء النهار ويدخل النهار في الليل إذا جاء الليل.
بأن الله هو الحق: أي الإله الحق الذي تجب عبادته دون سواه.
من دونه: أي من أصنام وأوثان وغيرها هو الباطل بعينه.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في بيان حكم الله تعالى بين عباده فذكر تعالى ما حكم به لأهل الإيمان والعمل الصالح وما حكم به لأهل الكفر والتكذيب، وذكر هنا ما حكم به لأهل الهجرة والجهاد فقال عز وجل: ﴿والذين هاجروا١ في سبيل الله﴾ أي خرجوا من ديارهم لأجل طاعة الله ونصرة دينه ﴿ثم قتلوا﴾ من قبل أعداء الله المشركين ﴿أو ماتوا﴾ حتف أنوفهم بدون قتل ﴿ليرزقنهم الله رزقاً حسناً﴾ في الجنة إذ أرواحهم في حواصل طير خضر ترعى في الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ﴿ليدخلنهم﴾ يوم القيامة ﴿مدخلاً٢ يرضونه﴾ وهو الجنة، وقوله تعالى: ﴿وإن الله لهو خير الرازقين﴾ أي لخير من يرزق فما رزقهم به هو خير رزق وأطيبه وأوسعه. وقوله: ﴿وإن الله لعليم حليم﴾ عليم بعباده وبأعمالهم الظاهرة والباطنة حليم يعفو ويصفح عن بعض زلات عباده المؤمنين فيغفرها ويسترها عليهم إذ لا يخلو العبد من ذنب إلا من عصمهم الله من أنبيائه ورسله.

١ قيل: نزلت هذه الآية في عثمان بن مظعون وأبي سلمة بن عبد الأسد رضي الله عنهما إذ ماتا بالمدينة مريضين فقال بعض الناس: من مات في سبيل الله أفضل ممن مات حتف أنفه. كأنه يعني عثمان وعبد الله فنزلت هذه الآية مسوّية بين المجاهد والمهاجر، ومن شواهد فضل المهاجر ما روي: أن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان برودس أميراً على الأرباع فجيىء بجنازتي رجلين أحدهما قتل والآخر متوفى فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حضرته فقال: أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت اقرأوا قول الله تعالى: ﴿والذين هاجروا..﴾ الآية.
٢ قرأ نافع: ﴿مدخلا﴾ بفتح الميم على أنه اسم مكان من دخل المجرّد، وقرأ غيره مُدخلا بضم الميم: اسم مكان أيضاً من أدخله يدخله الرباعي مدخلا.


الصفحة التالية
Icon