وقوله تعالى ﴿وجعل فيها سراجاً﴾ هو الشمس ﴿وقمراً منيراً﴾ ١ هو القمر أي تعاظم وتقدس الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً وقوله ﴿وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة٢﴾ أي يخلف بعضهما بعضاً فلا يجتمعان أبداً وفي ذلك من المصالح والفوائد مالا يقادر قدره ومن ذلك أن من نسي عملاً بالنهار يذكره في الليل فيعمله، ومن نسي عملاً بالليل يذكره بالنهار فيعمله٣، وهو معنى قوله ﴿لمن أراد أن يذكر﴾ وقوله ﴿أو أراد شكوراً﴾ فإن الليل والنهار ظرفان للعبادة الصيام بالنهار والقيام بالليل فمن أراد أن يشكر الله تعالى على نعصه فقد وهبنا له فرصة لذلك وهو الليل للتهجد والقيام والنهار للجهاد والصيام.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- دعوة الله ينبغي أن لا يأخذ الداعي عليها أجراً ممن يدعوهم٤ إلى الله تعالى ومن أراد أن يتطوع من نفسه فينفق في سبيل الله فذلك له.
٢- وجوب التوكل على الله فإنه الحي الذى لا يموت وغيره يموت.
٣- وجوب التسبيح والذكر والعبادة وهذه هي زاد العبد وعدته وعونه.
٤- مشروعية السجود عند قوله تعالى وزادهم نفوراً للقارىء والمستمع٥.
٥- صفة استواء الرحمن على عرشه فيجب الإيمان بها على ما يليق بجلال الله وكماله
ويحرم تأويلها بالاستيلاء والقهر ونحوهما.
٦- الترغيب في الذكر والشكر، واغتنام الفرص للعبادة والطاعة.
٢ الخلفة: كل شيء بعد شيء ومنه قيل لليل والنهار خلفة لأن كلا منهما يخلف الثاني إذا ذهب ومنه قيل لورق النبات الذي يخلف الورق الأول خلفة ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
بها العين والآرام يمشين خلفة
وأطلاؤهن ينهض من كل مجثم
خلفة: هذه تذهب وتلك تأتي. والعين: جمع عيناء وأعين: واسعات العيون والمراد بقر الوحش والأطلاء: جمع طلا: ولد البقرة وولد الظبية الصغير، والمجثم: موضع الجثوم: أي المقام.
٣ روى مسلم عن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما لمن صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل".
٤ لو أعطي الداعي إلى الله تعالى من أوقاف وقفت لهذا الغرض أو أعطي من بيت المال ما يسد به خلته ويقضي به حاجته فأخذ فلا حرج.
٥ هذه السجدة من عزائم السجدات فلا ينبغي أن يتركها القارىء ولا المستمع.