والقيام يصفون أقدامهم ويذرفون دموعهم على خدودهم خوفاً من عذاب ربهم.
والثالثة: في قوله ﴿والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم﴾ إنهم لقوة يقينهم كأنهم شاعرون بلهب جهنم يدنو من وجوههم فقالوا ﴿ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما﴾ أي مُلحاً لازماً لا يفارق صاحبه، ﴿إنها ساءت﴾ أي جهنم ﴿مستقراً ومقام﴾ أي بئست موضع إقامة واستقرار.
والرابعة: في قوله ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا﴾ في إنفاقهم فيتجاوزوا الحد المطلوب منهم، ولم يقتروا فيقصروا في الواجب عليهم وكان إنفاقهم بين الإسراف والتقتير قواماً أي عدلاً وسطاً.
والخامسة: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر﴾ أي لا يسألون غير ربهم قضاء حوائجهم كما لا يشركون بعبادة ربهم أحداً ﴿ولا يقتلون النفس التي حرم الله﴾ قتلها وهي كل نفس آدمية ما عدا نفس الكافر المحارب فإنها مباحة القتل غير محرمة. ﴿إلا بالحق﴾ وهو واحدة من ثلاث خصال بينها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث الصحيحين "لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" ﴿ولا يزنون﴾ أي لا يرتكبون فاحشة الزنا والزنا نكاح على غير شرط النكاح المباح وقوله تعالى ﴿ومن يفعل ذلك﴾ هذا كلام معترض بين صفات عباد الرحمن. أي ومن يفعل ذلك المذكور من، الشرك بدعاء غير الرب أو قتل النفس بغير حق، أو زنا ﴿يلق اثاماً﴾ ١ أي عقاباً ﴿يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه﴾ أي في العذاب ﴿مهاناً﴾ مخزياً ذليلاً، وقوله تعالى ﴿إلا من تاب﴾ من الشرك وآمن بالله وبلقائه وبرسوله وما جاء به من الدين الحق ﴿وعمل صالحاً﴾ من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام ﴿فأولئك﴾ المذكورون أي التائبون ﴿يبدل الله سيئاتهم حسنات﴾ أي يمحو سيآتهم بتوبتهم ويكتب لهم مكانها صالحات أعمالهم وطاعاتهم بعد توبتهم ﴿وكان الله غفوراً رحيماً﴾ ذا مغفرة للتائبين من عباده ذا رحمة بهم فلا يعذبهم بعد توبته عليهم، وقوله ﴿ومن تاب﴾ من غير هؤلاء المذكورين أي رجع إلى الله تعالى بعد غشيانه الذنوب

١ الأثام: قيل فيه إنه واد في جهنم: قال الشاعر:
لقيت المهالك في حربنا
وبعد المهالك نلقي أثاما
وقيل الأثام: العقاب كما في التفسير وشاهده قول الشاعر:
جزى الله ابن عروة حيث أمسى
عقوقاً والعقوق له أثام
أي: جزاء وعقوبة.


الصفحة التالية
Icon