وقوله تعالى ﴿أولم١ يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم﴾ إن كانت علة هذا التكذيب من هؤلاء المشركين هي إنكارهم للبعث والجزاء وهو كذلك فلم لا ينظرون إلى الأرض الميتة بالقحط ينزل الله تعالى عليها ماء من السماء فتحيا به بعد موتها فينبت الله فيها من كل زوج أي صنف من أصناف النباتات كريم أي حسن. أليس في ذلك آية على قدرة الله تعالى على إحياء الموتى وبعثهم من قبورهم وحشرهم للحساب والجزاء، فلم لا ينظرون؟ ﴿إن في ذلك لآية﴾ أي علامة واضحة للمشركين على صحة البعث والجزاء. ففي إحياء الأرض بعد موتها دليل على إحياء الناس بعد موتهم. وقوله تعالى ﴿وما كان أكثرهم مؤمنين٢﴾ يخبر تعالى أن فيما ذكر من إنباته أصناف النباتات الحسنة آية على البعث والحياة الثانية ولكن قضى الله أزلاً أن أكثر هؤلاء المشركين لا يؤمنون وقوله ﴿وإن ربك لهو العزيز الرحيم٣﴾ يقول تعالى لرسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وإن ربك لهو العزيز﴾ أي الغالب على أمره المنتقم من أعدائه ﴿الرحيم﴾ بأوليائه فاصبر لحكمه وتوكل عليه وواصل دعوتك في غير غم ولا هم ولا حزن وإن العاقبة للمؤمنين بك المتبعين لك.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان أن القرآن الكريم معجز لأنه مؤلف من مثل طا سين ميم ولم يستطع أحد أن يؤلف مثله.
٢- بيان ما كان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يناله من الغم والحزن وتكذيب قومه له.
٣- بيان أن إيمان المكره لا ينفعه، ولذا لم يكره الله تعالى الكفار على الإيمان بواسطة الآيات.
٤- التحذير من عاقبة التكذيب بآيات الله وعدم الاكتراث بها.
٥- في إحياء الأرض بالماء وإنبات النباتات المختلفة فيها دليل على البعث الآخر.
٢ المراد ممن نفى الإيمان عن أكثرهم هم: أكابر مجرمي مكة إذ أكثرهم مات كافراً أما غيرهم فندر من لم يؤمن منهم إذ دخلوا في دين الله بعد الفتح أفواجاً.
٣ الجملة تعليلية تضمنت التذكير بعزّة الله تعالى ورحمته فذوا العزة قادر على أن ينزل عذابه بأعدائه وذو الرحمة قادر على رحمة أوليائه كما أن هناك إشارة إلى أن تخلف العذاب اقتضته رحمته سبحانه وتعالى.