فنظل لها عاكفين: أي فنقيم أكثر النهار عاكفين على عبادتها.
قالوا بل وجدنا: أي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر بل وجدنا آباءنا لها عابدين فنحن تبع لهم.
فإنهم عدو لي: أي أعداء لي يوم القيامة إذا أنا عبدتهم لأنهم يتبرءون من عابديهم.
إلا رب العالمين: فإن من يعبده لا يتبرأ منه يوم القيامة بل ينجيه من النار ويكرمه بالجنة.
فهو يهدين: أي إلى ما ينجيني من العذاب ويسعدني في دنياي وأخراي.
والذي يميتني ثم يحيين: أي يميتني عند انتهاء أجلي، ثم يحييني ليوم الدين.
يوم الدين: أي يوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة والبعث الأخر.
معنى الآيات:
هذا بداية قصص إبراهيم عليه السلام والقصد منه عرض حياة إبراهيم الدعوية على مسامع قريش قوم محمد صلى الله وعليه وسلم علهم يتعظون بها فيؤمنوا ويوحدوا فيسلموا ويسلموا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة قال تعالى ﴿واتل عليهم نبأ إبراهيم١﴾ أي اقرأ على قومك من قريش خبر إبراهيم في الوقت الذي قال لأبيه وقومه ﴿ما تعبدون﴾ مستفهماً إياهم ليرد على جوابهم وهو أسلوب حكيم في الدعوة والتعليم يسألهم ويجيبهم بناء على مقتضى سؤالهم فيكون ذلك أدعى للفهم وقبول الحق: ﴿قالوا نعبد أصناماً﴾ أي في صور تماثيل ﴿فنظل لها عاكفين٢﴾ فنقيم أكثر النهار عاكفين حولها نتقرب إليها ونتبرك بها خاشعين خاضعين عندها. ولما سمع جوابهم وقد صدقوا فيه قال لهم ﴿هل٣ يسمعونكم إذ تدعون﴾ أي إذ تدعونها ﴿أو ينفعونكم﴾ إن طلبتم منهم منفعة ﴿أو يضرون﴾ إن طلبتم منهم أن يضروا أحداً تريدون ضره أنتم؟ فأجابوا قائلين في كل ذلك لا، لا، لا. وإنما وجدنا آباءنا كذلك
٢ ﴿فنظل﴾ هذا اللفظ يدل أنهم يقضون فترة طويلة من النهار عاكفين حولها لعبادتها وأما في الليل فيعبدون الكواكب لمشاهدتها والتماثيل إنما هي صور لها فإذا غابت عبدوا صورها بالنهار.
٣ أراد أي إبراهيم بقوله: ﴿هل يسمعونكم﴾ فتح باب المجادلة ليصل إلى إقناعهم إن شاء الله ذاك، وليست هذه أول محاجة بل حاجه إبراهيم أباه على انفراد وحاجه هذه المرة مع قومه ولا شك أن الحجاج دام سنوات فما ذكر هنا غير ما ذكر في الصافات والأنبياء ومريم.