هجرته إلى ربه عز وجل بما أخبر به في هذا السياق حيث قال: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ (١) وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ وهبه أي أعطاه ولده إسحاق بن سارة وولد إسحاق وهو يعقوب، وجعل كافة الأنبياء من ذريته وجعل الكتاب فيهم أيضاً فالتوراة أنزلت على موسى، والزبور على داود، والإنجيل على عيسى وهم من ذرية إبراهيم، والقرآن الكريم أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو من ذرية إسماعيل بن إبراهيم وقول إبراهيم هو كما قال: ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ وصف ربه بالعزة والحكمة. فقال: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ (٢) الْحَكِيمُ﴾ أي الغالب القاهر ﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي وضع كل شيء في موضعه، ودلائل العزة أن أنجى إبراهيم من أيدي الظلمة الطغاة ومن مظاهر الحكمة أن نقله من أرض لا خير فيها إلى أرض كلها خير وأكرمه فيها بما ذكره في قوله ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ حيث رزقه أطيب الأرزاق في دار هجرته ورزقه الثناء الحسن من كل أهل الأديان الإلهية كاليهودية والنصرانية، والإسلام وهو خاتم الأديان هذا في الدنيا وأما في الآخرة فإنه من الصالحين ذوي الدرجات العلا والمنازل العالية في مواكب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان حصيلة دعوة إبراهيم كذا سنة وأنها كانت إيمان واحد بها وهو لوط عليه السلام وفي هذا تسلية
للرسول الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٢- بيان إكرام الله تعالى لمن يهاجر إليه ويترك أهله وداره.
٣- بيان ما أكرم الله تعالى به إبراهيم من خير الدنيا والآخرة جزاء صبره على دعوة الله تعالى.
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ
٢ - هذه الجملة واقعة موقع التعليل لمضمون جملة (إني مهاجر إلى ربي) لأن من كان عزيزا يعتز به جاره، ومن كان حكيماً لا يأمر بغير ما هو خير للمأمور الممتثل لأمره.