بقطع سبيل الولادة، وزاد لوط في تأنيبهم والإنكار عليهم والتوبيخ لهم فقال ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ والنادي محل اجتماعهم وتحدثهم وإتيان المنكر فيه كان بارتكاب الفاحشة مع بعضهم بعضا، وبالتضارط فيه، وحل الإزار، والقذف بالحصى وما إلى ذلك (١) مما يؤثر عنهم من سوء وقبح. قال تعالى: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾ بعد أن أنّبهم ووبخهم ناهيا لهم عن مثل هذه الفواحش ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا (٢) بِعَذَابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ أي ما كان جوابهم إلا المطالبة بعذاب الله، وهذه طريقة الغلاة المفسدين والظلمة المتكبرين، إذا أعيتهم الحجج لجأوا إلى القوة يستعملونها أو يطالبون بها. وقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣) ﴾ أي لما طالبوه بالعذاب، وقد أعياه أمرهم لجأ إلى ربه يطلب نصره على قومه الذين كانوا شر قوم وجدوا على وجه الأرض واستجاب الله تعالى له ونصره وسيأتي بيان ذلك في الآيات بعد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير النبوة المحمدية بذكر قصص لا يتم إلا عن طريق الوحي.
٢- تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجل ما يعاني من المشركين من كفر وعناد ومطالبة بالعذاب.
٣- قبح الفاحشة وحرمتها وأسوأها فاحشة اللواط.
٤- وجوب إقامة الحد على اللوطيّ الفاعل والمفعول لأن الله تعالى سماها فاحشة وسمى الزنا فاحشة ووضع حداً
للزنى فاللوطية تقاس عليه، وقد صرحت السنة بذلك فلا حاجة إلى القياس.
٥- التحذير من العبث والباطل قولا أو عملاً وخاصة في الأندية والمجتمعات.

١ - من ذلك: أنهم كانوا يناطحون بين الكباش ويناقرون بين الديوك، والصفير وتطريف الأصابيع بالحناء وفرقتها، ويقذفون أهل الطريق ويسخرون منهم، روى هذا الترمذي وحسنّه.
٢ - هذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم قطعا.
٣ - الإفساد في الأرض: هو العمل بمعاصي الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكل عامل بالمعاصي فهو مفسد في الأرض، إذ فعل المعاصي يورث الفقر والخوف وهما شر ما يُتقى.


الصفحة التالية
Icon