شرح الكلمات:
وإلى مدين: أي وأرسلنا إلى قبيلة مَدْيَن، ومدين أبو القبيلة فسميت باسمه.
أخاهم شعيباً: أي أخاهم في النسب.
اعبدوا الله: أي اعبدوه ووحدوه ولا تشركوا به شيئاً.
وارجوا اليوم الآخر: أي آمنوا به وتوقعوا مجيئه وما يحدث فيه.
ولا تعثوا في الأرض مفسدين: أي ولا تعيثوا في الأرض فساداً بأن تنشروا فيها الفساد وهو العمل بالمعاصي فيها.
فأخذتهم الرجفة: الهزة العنيفة والزلزلة الشديدة.
في دارهم جاثمين: لاصقين بالأرض أمواتا لا يتحركون.
معنى الآيتين:
هذا موجز لقصة (١) شعيب عليه السلام مع قومه أهل مدين، والعبرة منه إهلاك تلك الأمة لما كذبت رسولها واستمرت على الشرك والمعاصي لعل قريشاً تعتبر بما أصاب هذه الأمة من هلاك ودمار من أجل تكذيبها لرسولها وعصيانها لربها قال تعالى ﴿وَإِلَى (٢) مَدْيَنَ﴾ أي وأرسلنا إلى مدين ﴿أَخَاهُمْ شُعَيْباً﴾ وهو نبيّ عربي فلما انتهى إليهم برسالته قال ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ﴾ أي وحدوه في عبادته وأطيعوه فيما يأمركم به وينهاكم عنه من التطفيف في الكيل والوزن، ﴿وَارْجُوا (٣) الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾، أي آمنوا بيوم القيامة وتوقعوا دائماً مجيئه وخافوا ما فيه من أهوال وأحوال فإن ذلك يساعدكم على التقوى وقوله: ﴿وَلا تَعْثَوْا (٤) فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ وذلك أنهم ينقصون الكيل والوزن ويبخسون الناس أشياءهم ويفسدون في الأرض بالمعاصي. وقوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ أي كذب أصحاب مدين نبيهم شعيباً فيما أخبرهم به ودعاهم إليه ﴿فَأَخَذَتْهُمُ (٥) الرَّجْفَةُ﴾ أي رجفة الهلاك من تحتهم فأصبحوا في دارهم جاثمين على الركب

١ - هذه القصة معطوفة على سابقاتها: قصة نوح وإبراهيم ولوط عليهم السلام.
٢ - إن طلبت المناسبة بين قصة لوط وقصة أصحاب مدين فإنها في كون مدين من أبناء إبراهيم وكون لوط من الأسرة الإبراهيمية وأوضح من هذا السبب قرب الديار من بعضها، فمدين غير بعيدة من قرى لوط.
٣ - أمره إيّاهم برجاء اليوم الآخر دال على أنهم ما كانوا يؤمنون باليوم الآخر أو ذكرهم به لغفلتهم عنه بارتكاب المعاصي وغشيان الذنوب.
٤ - العثو: بالواو كالدنو والعثي بالياء كالعصي: أشد الفساد، وفعله: عثا يعثوا، وعثي كرضي يعثى كيرضى بمعنى واحد.
٥ - الفاء للسببية، (والرجفة) الزلزال الشديد الذي ترجف منه الأرض والقلوب وكانت هذه الزلازل مصحوبة بصيحة شديدة انخلعت منها القلوب.


الصفحة التالية
Icon