فاستكبروا: أي عن عبادة الله تعالى وطاعة رسله.
وما كانوا سابقين: أي فائتين عذاب الله أي فارين منه، بل أدركهم.
فكلاً أخذنا بذنبه: أي فكل واحد من المذكورين أخذناه بذنبه ولم يفلت منا.
فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا: أي ريحاً شديدة، كعاد.
ومنهم من أخذته الصيحة: أي ثمود.
ومنهم من خسفنا به الأرض: أي كقارون.
ومنهم من أغرقنا: أي كقوم نوح وفرعون.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى في الآيات قبل ذي (١) إهلاكه لقوم لوط وقوم شعيب وقوم نوح من قبل لما ردوا دعوته وكذبوا رسله ذكر بقية الأقوام الذين كذبوا بآيات الله ورسله فأهلكهم، فقال عز وجل: ﴿وَعَاداً وَثَمُودَ (٢) ﴾ أي وأهلكنا كذلك عاداً قوم هود، وثمود قوم صالح! وقوله تعالى: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ (٣) لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ﴾ أي وقد تبين لكم يا معشر كفار مكة ومشركي قريش من مساكنهم بالحجر (٤) والشجر (٥) من حضرموت ما يؤكد لكم إهلاكنا لهم، إذ مساكنهم الخاوية دالة على ذلك دلالة عين. وقوله تعالى: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ أي وقد زين لهم الشيطان أعمالهم من الشرك والشر والظلم والفساد وصدهم بذلك التزيين عن السبيل، سبيل الإيمان والتقوى المورثة للسعادة في الدنيا والآخرة. وقوله: ﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٦) ﴾ أي ذوي بصائر أي معرفة بالحق والباطل والخير والشر لما علمتهم الرسل ولكن آثروا أهواءهم على عقولهم فهلكوا. وما ظلمهم الله ولكن كانوا هم الظالمين. وقوله تعالى: ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ﴾ أي أهلكنا قارون الإسرائيلي ابن عم موسى عليه السلام، أهلكناه ببغيه وكفره، فخسفنا به الأرض وبداره أيضا، وفرعون وهامان أغرقناهما في اليم بكفرهما وطغيانهما

١ - وجه المناسبة ظاهر بين هده الآيات وسابقتها وهي إتمام ذكر كل من قص تعالى في كتابه قصصهم مفصلة في الأعراف وهود والشعراء والنمل والقصص، فذكر بإيجاز من لم يذكرهم في هذا العرض من هذه السورة، فذكر عاداً وثمود وقارون وفرعون هامان.
٢ - وعاداً جائز أن يكون منصوباً بفعل مقدر، وأهلكنا عاداً أو اذكر عاداً.
٣ - الجملة حالية.
٤ - مدائن صالح.
٥ - منازل عاد.
٦ - الاستبصار: البصارة بالأمور، والسين والتاء للتأكيد كالاستحباب بمعنى الحب، والمراد أنهم أهل بصائر ومعرفة بالأمور لما لهم من عقول صالحة للنظر والإدراك، وما في التفسير وجه أحسن من هذا.


الصفحة التالية
Icon