﴿قُوَّةً﴾ وهي قوة الشباب ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ﴾ أي قوة الشباب والكهولة ﴿ضَعْفاً﴾ أي ضعف الكبر ﴿وَشَيْبَةً (١) ﴾ أي الهرم وقوله تعالى ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ﴾ بخلقه ﴿الْقَدِيرُ﴾ على ما يشاء ويريده فهو تعالى قادر على إحياء الأموات وبعثهم، إذ القادر على إيجادهم من العدم قادر على بعثهم من الرّمم. وقوله تعالى ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾ أي القيامة ﴿يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ أي يحلف المجرمون من أهل الشرك والمعاصي ﴿مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ (٢) ﴾ أي لم يلبثوا في قبورهم إلا ساعة من زمن. وقوله تعالى ﴿كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٣) ﴾ أي كما صرفوا عن معرفة الصدق في اللبث في القبر كانوا يصرفون في الدنيا عن الإيمان بالله تعالى ولقائه، والصارف لهم ظلمة نفوسهم بسبب الشرك والمعاصي. وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ أي في كتاب المقادير ﴿إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ﴾ وهو يوم القيامة ﴿فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ لعدم إيمانكم بالله وبآياته والكتاب الذي أنزله.
وقوله ﴿فَيَوْمَئِذٍ﴾ أي يوم إذ يأتي يوم البعث ﴿لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ﴾ أي عن شركهم وكفرهم بلقاء ربهم، ﴿وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أي لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى ما يرضي الله تعالى من الإيمان والعمل الصالح وترك الشرك والمعاصي.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر الأدلة العقلية التي لا ترد بحال.
٢- بيان أطوار خلق الإنسان من نطفة إلى شيخوخة وهرم.
٣- فضل العلم والإيمان وأهلهما.
٤- بيان أن معذرة الظالمين لا تقبل منهم، ولا يستعتبون فيرضون الله تعالى فيرضى عنهم.

١ - الشيبة اسم مصدر الشيب وعطف الشيبة على الضعف إشارة إلى عدم وجود قوة بعدها وإنما يأتي الفناء كما قيل الشيب نذير الموت وهو كذلك.
٢ - روي أن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت اللهم أمتعني بزوجي رسول الله وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية فقال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقد سألت الله تعالى لآجال مضروبة وأرزاق مقسومة ولكن سليه أن يعيذك من عذاب جهنم وعذاب القبر في الصحيح.
٣ - يقال أفك الرجل إذا صرف عن الصدق والخير. وأرض مأفوكة ممنوعة من المطر.


الصفحة التالية
Icon