وقوله تعالى ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى﴾ وهو عذاب الدنيا بالقحط والغلاء والقتل والأسر ﴿دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ وهو عذاب يوم القيامة ﴿لَعَلَّهُمْ (١) يَرْجِعُون﴾ يخبر تعالى أنه فاعل ذلك بكفار قريش لعلهم يتوبون إلى الإيمان والتوحيد فينجوا من العذاب وينعموا في الجنة وفعلاً قد تاب منهم كثيرون وقوله ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ (٢) عَنْهَا﴾ أي وعظ بها وخوِّف كما كان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ عليهم القرآن وكان بعضهم يعرض عنها فلا يسمعها ويرجع وهو مستكبر والعياذ بالله فمثل هؤلاء لا أحد أشد منهم ظلما وقوله تعالى ﴿إِنَّا مِنَ (٣) الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ يخبر تعالى أنه لا محالة منتقم من أهل الإجرام وهم أهل الشرك والمعاصي، وورد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر ثلاثة أصناف من أهل الإجرام الخاص وهم:
١) من اعتقد "عقد" لواء في غير حق أي حمل راية الحرب على المسلمين وهو مبطل غير محق.
٢) من عق والديه أي آذاهما بالضرب ونحوه ومنعهما برهما ولم يطعهما في معروف.
٣) من مشى مع ظالم ينصره رواه ابن جرير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان خطأ من يسوي بين المؤمن والكافر والبار والفاجر والمطيع والفاسق.
٢- بيان جزاء كل من المؤمنين والفاسقين.
٣- بيان أن الله تعالى كان يأخذ قريشاً بألوان من (٤) المصائب لعلهم يتوبون.
٤- بيان أنه لا أظلم ممن ذكر بآيات الله فيعرض عنها مستكبراً جاحداً معانداً.
٢ - عطف الإعراض على التذكير بالآيات بثُم للدلالة على التراخي بين زمن التذكير والإعراض كقول الشاعر:
لا يكشف الغماد إلا ابن حره
يرى غمرات الموت ثم يزورها
٣ - الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً فهو جواب لمن تساءل عن جزاء صاحب الإعراض بعد التذكير بالآيات وهو قوله تعالى إنا من المجرمين منتقمون.
٤ - من ذلك سنوات الجدب التي أكلوا فيها العهن وأصبح أحدهم يرى السماء وكأنها دخان من شدة الجوع.