وأكذبهم الله تعالى في قولهم فقال ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً﴾ أي ما يريدون بهذا الاعتذار إلا الفرار من وجه العدو، وقال تعالى فيهم ومن أصدق من الله قيلاً: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ﴾ المدينة ﴿مِنْ أَقْطَارِهَا﴾ أي من جميع نواحيها من شرق وغرب وشمال وجنوب (١) ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ﴾ أي طلب منهم العدو الغازي الذي حل عليهم المدينة الردة أي العودة إلى الشرك ﴿لَآتَوْهَا﴾ أعطوها فوراً ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرا﴾ حتى يرتدوا عن الإسلام ويصبحوا كما كانوا مشركين والعياذ بالله من النفاق والمنافقين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مشروعية التذكير بالنعم ليشكرها المذكَّرون بها فتزداد طاعتهم لله ورسوله.
٢- عرض غزوة الأحزاب أو الخندق عرضاً صادقاً لا أمثل منه في عرض الأحداث للعبرة.
٣- بيان أن غزوة الخندق كانت من أشد الغزوات وأكثرها ألماً وتعباً على المسلمين.
٤- بيان أن حسن الظن بالله ممدوح، وأن سوء الظن به تعالى كفر ونفاق.
٥- بيان مواقف المنافقين الداعية إلى الهزيمة ليكون ذلك درساً للمؤمنين.
٦- تقرير النبوة المحمدية بإخبار الغيب التي أخبر بها رسول الله فكانت كما أخبر من فتح فارس والروم واليمن.
وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُولاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً (١٦)
قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ

١ - ثم العطف بها هنا للترتيب الرّتبي، إذ كان مقتضى الظاهر أن يكون العطف بالواو، لأن المذكور بعد حرف العطف داخل في فعل الشرط ووارد عليه جوابها فعدل عن الواو إلى ثم لأجل التنبيه على أن ما بعد ثم أهم من الذي قبلها أي أنهم مع ذلك يأتون الفتنة.


الصفحة التالية
Icon