وشقاء، ونعيم مقيم أو جحيم وعذاب أليم. وتذكرون الله تعالى كثيرا في كل حالاتكم وأوقاتكم، فاقتدوا بنبيكم فإن الاقتداء به واجب لا يسقط إلا عن عجز والله المستعان.
وقوله تعالى في الآية الثالثة في هذا السياق (٢٢) ﴿وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ﴾ أي لما رأى المؤمنون الصادقون جيوش الأحزاب وقد أحاطب بهم ﴿قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ (١) وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ﴾ بخلاف ما قاله المنافقون حيث قالوا ﴿مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً﴾ وقوله ﴿وَمَا زَادَهُمْ﴾ أي رؤيتهم للأحزاب على كثرتهم ﴿إِلَّا إِيمَاناً﴾ بصادق وعد الله ﴿وَتَسْلِيماً﴾ لقضائه وحكمه، وهذا ثناء عطر على المؤمنين الصادقين من ربهم عز وجل. وقوله تعالى ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾ هذا ثناء آخر على بعض المؤمنين الذين لما تخلفوا عن بدر فتأسفوا ولما حصل انهزام لهم في أحد عاهدوا الله لئن أشهدهم الله قتالا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليقاتلن حتى الاستشهاد فأخبر تعالى عنهم بقوله فمنهم من قضى نحبه أي وفى بنذره فقاتل حتى استشهد ومنهم من ينتظر القتل في سبيل الله، وقوله تعالى ﴿وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢) ﴾ أدنى تبديل في موقفهم فثبتوا على عهدهم بخلاف المعوقين من المنافقين فإنهم بدلوا وغيروا ما عاهدوا الله عليه وقوله تعالى ﴿لِيَجْزِيَ (٣) اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾ أي أجرى تعالى تلك الأحداث فكانت كما قدرها في كتاب المقادير، ليجزي الصادقين بصدقهم فيكرمهم وينعمهم في جواره ويعذب المنافقين بناره إن شاء ذلك فيميتهم قبل توبتهم، أو يتوب عليهم فيؤمنوا ويوحدوا ويدخلوا الجنة مع المؤمنين الصادقين وهو معنى قوله ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ﴾ ذلك لهم قضاء وقدراً أو يتوب عليهم فيتوبوا فلا يعذبوا، وقوله ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ إخبار منه تعالى عن نفسه بأنه كان ذا ستر على ذنوب التائبين من عباده رحيما بهم فلا يعاقبهم بعد توبتهم.
٢ - في هذه الجملة تعريض بالمنافقين الذين عاهدوا الله لا يولون الأدبار ثم ولوا راجعين وعادوا إلى بيوتهم تاركين الرسول والمؤمنين في المواجهة.
٣ - الجملة تعليلية أي ثم الذي تم من الوفاء والغدر والصبر والجزع والهزيمة والنصر لعلة أن يجزي الله الصادقين بما يناسب صدقهم وهو المغفرة ويجزي المنافقين بما يناسب نفاقهم.