ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى: أي ولا تتزين وتخرجن متبخترات متغنجات كفعل نساء الجاهلية الأولى قبل الإسلام.
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس: أي إنما أمركّن بما أمركن به من العفة والحجاب ولزوم البيوت ليطهركن من الأدناس والرذائل.
واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله الحكمة: أي الكتاب والسنة لتشكرن الله على ذلك بطاعته وطاعة رسوله.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم مع أزواج النبي أمهات المؤمنين فبعد أن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة عن الحياة الدنيا وزينتها أصبحن ذوات رفعة وشأن عند الله تعالى، وعند رسوله والمؤمنين. فأخبرهن الرب تبارك وتعالى بقوله: ﴿وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ أي تطع الله بفعل الأوامر وترك النواهي وتطع رسوله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا تعص له أمراً ولا تسيء إليه في عشرة، وتعمل صالحاً من النوافل والخيرات نؤتها أجرها مرتين أي نضاعف لها أجر عملها فيكون ضعف أجر عاملة أخرى من النساء غير أزواج الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقوله: ﴿وَأَعْتَدْنَا (١) لَهَا رِزْقاً كَرِيماً﴾ أي في الجنة فهذه بشارة بالحنة لنساء النبي أمهات المؤمنين التسع اللائي نزلت هذه الآيات في شانهن.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٣١) وقوله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ (٢) لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ (٣) ﴾ أي يا زوجات النبي أمهات المؤمنين إنّكن لستن كجماعات النساء إن شرفكن أعظم ومقامكم أسمى وكيف وأنتن أمهات المؤمنين وزوجات خاتم النبيين فاعرفن قدركن بزيادة الطاعة لله ولرسوله، وقوله إن اتقيتن أي إن هذا الشرف حصل لكن بتقواكن لله فلازمن التقوى إنكن بدون تقوى لا شيء يذكر شأنكن شأن سائر النساء. وبناء عليه ﴿فَلا تَخْضَعْنَ (٤) بِالْقَوْلِ﴾ أي لا تليّن الكلمات وترققن الصوت إذا تكلمتن مع الأجانب من الرجال. وقوله تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي
٢ - أعيد خطابهن من قبل الله تعالى كما أعيد نداؤهن تشريفاً لهن وإظهاراً للاهتمام بالخبر. وأحد بمعنى واحد قلبت همزته واوا.
٣ - هذا الشرط معتبر في التقوى، إذ بين لهن أن هذا الشرف وهذه البشرى بالجنة إنما كانت بشرط التقوى والتقوى اجتناب وامتثال.
٤ - قال ابن عباس: المرأة تندب إذا خاطبت الأجانب إلى الغلظة في القول من غير رفع صوت فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام.