﴿تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ﴾ بترككم الشرك والمعاصي ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ أي كي ترحموا. بعد هذا الوعظ والإرشاد كان جواب القوم ما أخبر تعالى به عنهم في قوله ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا (١) بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ﴾ أي تشاءمنا بك وبأتباعك المؤمنين لك، فرد عليهم بقوله ﴿طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ﴾ أي ما زجرتم من الطير لما يصيبكم من المكاره عند الله علمه وهو كائن لا محالة، وليست القضية تشاؤما ولا تيامنا ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ وقوله تعالى ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ أي مدينة الحجر حجر ثمود تسعة رجال ﴿يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ (٢) ﴾ بالكفر والمعاصي ﴿وَلا يُصْلِحُونَ﴾ وهم الذين تمالؤوا على عقر الناقة ومن بينهم قُدَار بن سالف الذي تولى عقر الناقة. هؤلاء التسعة نفر قالوا لبعضهم بعضا في اجتماع خاص ﴿تَقَاسَمُوا بِاللهِ﴾ أي ليقسم كل واحد منكم قائلا والله ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾ أي صالحا ﴿وَأَهْلَهُ﴾ أي أتباعه، أي لنأتينهم ليلا فنقتلهم، ثم في الصباح ﴿لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ﴾ أي لولي دم صالح من أقربائه، والله ﴿مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ﴾ ولا مهلكه ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ فيما نقسم عليه من أنّا لم نشهد مهلك صالح ولا مهلك أصحابه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير نبوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٢- تقرير حقيقة أن الصراع بين الحق والباطل لا ينتهي إلا بانتهاء الباطل.
٣- حرمة التشاؤم والتيامن كذلك، ولم يجز الشارع إلا التفاؤل لا غير.
٤- العمل بمعاصي الله تعالى هو الفساد في الأرض، والعمل بطاعته هو الإصلاح في الأرض.
٥- تقرير أن المشركين يؤمنون بالله ولذا يحلفون به، ولم يدخلهم ذلك في الإسلام لشركهم في عبادة الله تعالى
غيره من مخلوقاته.

١- كانت العرب أكثر الناس تطيرا ﴿واطيرنا﴾ في الآية أصلها: تطيّرنا فقلبت التاء طاء لقرب مخرجها من الطاء وأدغمت في الطاء، وجيء بهمزة الوصل للتوصل إلى النطق بالساكن، والتطير معناه: التشاؤم وهو مأخوذ من الطير تطير يمينا أو شمالا فيتيمنون بذلك أو يتشاءمون.
٢- الأرض: أرض ثمود وأل فيها: للعهد والرهط: العدد من الثلاثة إلى العشر كالنفر ومن بين هؤلاء: قُدار بن سالف: عاقر الناقة.


الصفحة التالية
Icon