وما يعرج فيها: أي وما يصعد فيها من ملائكة وأعمال العباد وأرواحهم بعد الموت.
وهو الرحيم الغفور: أي الرحيم بالمؤمنين الغفور للتائبين.
معنى الآيات:
يخبر تعالى عباده بأن له الحمد (١) والشكر الكاملين التامين، دون سائر خلقه، فلا يُحمد على الحقيقة إلا هو أما مخلوقاته فكل ما يحمد له هو من عطاء الله تعالى لها وإفاضته عليها فلا يستحق الحمد على الحقيقة إلا الله، كما أخبر تعالى بموجب حمده وشكره وهو أن له ما في السموات وما في الأرض خلقاً وملكاً وتدبيراً وتصريفاً وليس لأحد سواه من ذلك شيء هذا في الدنيا، ﴿وَلَهُ (٢) الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾ إذ يكرم أولياءه فينزلهم دار السلام فيحمدونه على ذلك ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾ وقوله تعالى ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ في تصريف أمور عباده وسائر مخلوقاته وتدبيرها الخبير بأحوالها العليم بصفاتها الظاهرة والباطنة.
وقوله ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ﴾ أي ما يدخل (٣) في الأرض من مطر وكنوز وأموات، ﴿وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ أي من الأرض من نبات ومعادن ومياه، وما ينزل من السماء من أمطار وملائكة وأرزاق (٤)، ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ أي يصعد من ملائكة وأعمال العباد. وهو مع هذه القدرة والجلال والكمال هو وحده الرحيم بعباده المؤمنين الغفور للتائبين. بهذه الصفات الثابتة للذات الإلهية وهي صفات جلال وجمال كمال استحق الرب تعالى العبادة دون سواه فكل تأليه لغيره هو باطل ومنكر وزور يجب تركه والتخلي عنه، والتنديد بفاعله حتى يتركه ويتخلى عنه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب حمد الله تعالى (٥) وشكره بالقلب واللسان والجوارح والأركان.
٢ - الجملة عطف على الصلة أي والذي له الحمد في الآخرة، وفيها إشارة إلى أنه مالك الأمر في الآخرة.
٣ - الذي يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها يعلم من باب أولى ما يدب على سطحها وما يزحف فوقها والذي يعلم ما ينزل من السماء وما يعرج فيها يعلم من باب أولى ما يجول في أرجائها ويعلم سير كواكبها.
٤ - وكذا من الثلوج والبرد والصواعق.
٥ - حمده تعالى نفسه دليل على أنه محب الحمد. ولذا كان الحمد رأس الشكر وشاهده قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما من أحد أحب إليه الحمد من الله تعالى حتى إنه حمد نفسه.