شرح الكلمات:
وإن يكذبوك: أي يا رسولنا فيما جئت به من التوحيد وعقيدة البعث والجزاء ولم يؤمنوا بك.
فقد كذبت رسل من قبلك: أي فلست وحدك كذبت إذاً فلا تأس ولا تحزن واصبر كما صبر مَن قبلك.
وإلى الله ترجع الأمور: وسوف يجزي المكذبين بتكذيبهم والصابرين بصبرهم.
ولا يغرنكم بالله الغرور: أي ولا يغرنكم بالله أي في حلمه وإمهاله الغرور أي الشيطان.
فاتخذوه عدواً: أي فلا تطيعوه ولا تقبلوا ما يغركم به وأطيعوا ربكم عز وجل.
إنما يدعوا حزبه: أي أتباعه في الباطل والكفر والشر والفساد.
ليكونوا من أصحاب السعير: أي ليؤول أمرهم إلى أن يكونوا من أصحاب النار المستعرة.
لهم مغفرة وأجر كبير: أي لهم مغفرة لذنوبهم وأجر كبير في الجنة وذلك لإيمانهم وعملهم الصالحات.
معنى الآيات:
لما أقام تعالى الحجة على المشركين في الآيات السابقة قال لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ (١) ﴾ بعدما أقمت عليهم الحجة فلست وحدك المكذَّب فقد كذبت قبلك رسل كثيرون جاءوا أقوامهم بالبينات والزبر وصبروا إذاً فاصبر كما صبروا ﴿وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ (٢) الْأُمُورُ﴾ وسوف يقضي بينك وبينهم بالحق فينصرك في الدنيا ويخذلهم، ويرحمك في الآخرة ويعذبهم.
وقوله ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ﴾ أي يا أهل مكة وكل مغرور من الناس بالحياة الدنيا اعلموا أن وعد الله بالبعث والجزاء حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا بطول أعماركم وصحة أبدانكم وسعة أرزاقكم، فإن ذلك زائل عنكم لا محالة ﴿وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ﴾ أي حلمه وإمهاله ﴿الْغَرُورُ (٣) ﴾ وهو الشيطان حيث يتخذ من حلم الله تعالى عليكم وإمهاله لكم طريقا إلى إغوائكم وإفسادكم بما يحملكم عليه من تأخير التوبة والإصرار على المعاصي، والاستمرار عليها {إِنَّ الشَّيْطَانَ
٢ - قرأ الجمهور ترجع بضم التاء وقرأ بعض بفتحها والكل صحيح ومآل المعنى واحد.
٣ - الغرور بالضم مصدر غره يغره غرورا، وبالفتح الشيطان وهو المراد هنا وصيغته من صيغ المبالغة "فعول" إذ هو كثير الغرور يأتيهم من حيث حلم الله وإمهاله فيصرفهم عن الحق مغرراً إياهم بأنهم لو كانوا على باطل لأهلكوا كما أهلك الذين من قبلهم، ويسوّف آخرين بحلم الله فيصرفهم عن التوبة.