فمنهم ظالم لنفسه: بارتكاب الذنوب.
ومنهم مقتصد: مؤد للفرائض مجتنب للكبائر.
ومنهم سابق بالخيرات: مؤد للفرائض والنوافل مجتنب للكبائر والصغائر.
بإذن الله: أي بتوفيقه وهدايته.
ذلك: أي إيراثهم الكتاب هو الفضل الكبير.
ولؤلؤاً: أي أساور من لؤلؤ مرصع بالذهب.
أحلنا دار المقامة: أي الإقامة وهي جنات عدن.
لا يمسنا فيها نصب: أي تعب.
ولا يمسنا فيها لغوب: أي إعياء من التعب، وذلك لعدم التكليف فيها.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ (١) ﴾ أي القرآن الكريم هو ﴿الْحَقُّ﴾ أي الواجب عليك وعلى أمتك العمل به لا ما سبقه من الكتب كالتوراة والإنجيل، ﴿مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي أمامه من الكتب السابقة، وقوله ﴿إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢) ﴾ فهو تعالى يعلم أن الكتب السابقة لم تصبح تحمل هداية الله لعباده لما داخلها من التحريف والتغيير فلذا مع علمه بحاجة البشرية إلى وحي سليم يقدم إليها فتكمل وتسعد عليه متى آمنت به وأخذته نوراً تمشي به في حياتها المادية هذه أرسلك وأوحى إليك هذا الكتاب الكريم وأوجب عليك وعلى أمتك العمل به.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ (٣) الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ يخبر تعالى أنه أورث أمة الإسلام الكتاب السابق إذ كل ما في التوراة والإنجيل من حق وهدى قد حواه القرآن الكريم فأمة القرآن قد ورّثها الله تعالى كل الكتاب الأول. وقوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ (٤) ﴾ بالتقصير في العمل وارتكاب بعض الكبائر، ﴿وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ وهو المؤدي للفرائض المجتنب للكبائر،
٢ - الخبير: العالم بدقائق الأمور المعقولة والمحسوسة والظاهرة والخفية وصاحب هذه الصفة هو الذي يجب أن يعبد ويتقى.
٣ - حاول كثير من المفسرين البعد عن الحقيقة التي تضمنتها هذه الآية وهي أن الآية في أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ هي التي قال الله تعالى فيها هو اجتباكم والاجتباء كالاصطفاء والظالم لنفسه لا يكون الكافر ولا المنافق وإنما هو المؤمن يغشى بعض الكبائر وما في التفسير هو الحق فتأمله.
٤ - فمنهم: هذه الفاء التفريعية التفصيلية حيث فصل بها مجمل الذين أوتوا الكتاب والبداية بالظالمين لأنفسهم إيماء إلى أنهم غير محرومين من جنات عدن دفعاً لمن يتوهم أنهم لما كانوا ظالمين لا يدخلون الجنة.