فأغشيناهم فهم لا يبصرون: أي جعلنا على أبصارهم غشاوة فهم لذلك لا يبصرون.
وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون: أي استوى إنذارك لهم وعدمه في عدم إيمانهم.
من اتبع الذكر: القرآن.
وأجر كريم: أي بالجنة دار النعيم والسلام.
إنا نحن نحيي الموتى: أي نحن ربّ العزة نحيي الموتى للبعث والجزاء.
ونكتب ما قدموا وآثارهم (١) : أي ما عملوه من خير وشر لنحاسبهم، وآثارهم أي خطاهم إلى المساجد وما استن به أحد من بعدهم.
في إمام مبين: أي في اللوح المحفوظ.
معنى الآيات:
﴿يس﴾ الله أعلم (٢) بمراده به ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٣) ﴾ أي المحكم نظماً ومعنىً وذي الحكمة الذي يضع كل شيء في موضعه أقسم تعالى بالقرآن الحكيم على أن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبييٌّ ورسولٌ فقال ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ الذي هو الإسلام. وقوله ﴿تَنْزِيلَ (٤) الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ أي هذا القرآن هو تنزيل الله ﴿الْعَزِيزِ﴾ في الانتقام ممن كفر به وكذب رسوله ﴿الرَّحِيمِ﴾ بأوليائه وصالحي عباده. وقوله ﴿لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ أي أرسلناك وأنزلنا إليك الكتاب لأجل أن تنذر قوماً ما أنذر آباؤهم من فترة طويلة وهم مشركو العرب إذ لم يأتهم رسول من بعد إسماعيل عليه السلام ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ أي لا يدرون عاقبة ما هم عليه من الشرك والشر والفساد، ومعنى تنذرهم تخوفهم عذاب الله تعالى المترتب على الشرك والمعاصي.
وقوله تعالى ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ﴾ أي أكثر خصوم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كفار قريش كأبي جهل حق عليهم القول الذي هو قوله تعالى ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ فوجب لهم العذاب فلذا هم لا يؤمنون إذ لو آمنوا لما عذبوا، وعدم إيمانهم لم يكن مفروضاً عليهم

١ - وَهِم بعض فقال هذه الآية نزلت بالمدينة في بني سلمة والصحيح أن السورة كلها مكي وليس فيها مدني وإنما قرأ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الآية محتجا بها على بني سلمة لما أرادوا النزول قرب المسجد فقال لهم بني سلمة دياركم تكتب آثاركم. وقرأ هذه الآية، ونكتب ما قدموا وآثارهم.
٢ - كره مالك رحمه الله تعالى التسمية بيس وهو كذلك لعدم علمنا بالمراد منه وليس هو باسم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ ذكر أسماءه الخمسة ولم يذكر بينها يس ولا حجة في قول الرافضي:
يا نفس لا تمحضي بالود جاهدة
على المودة إلا آل ياسين
٣ - والقرآن الواو للقسم والقرآن مقسم به وجواب القسم: إنك لمن المرسلين وعلى صراط مستقيم خبر ثان لإن.
٤ - قرأ نافع والجمهور تنزيل بالرفع على أنه خبر محذوف المبتدأ أي هو تنزيل والضمير عائد على القرآن المقسم به وقرأ حفص تنزيل بالنصب على المصدرية أو على تقدير أعني أو أخص فيكون مدحاً وإشادة بشأنه وهو أليق.


الصفحة التالية
Icon