دعوة عيسى أجراً قالوا لا. فقال ﴿اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ فاتبعوهم تهتدوا بهدايتهم. وقال له القوم وأنت تعبد الله مثلهم ولا تعبد آلهتنا؟ فقال: ﴿وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ أي وأيّ شيء يجعلني لا أعبده وهو خلقني ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي بعد موتكم فيحاسبكم ويجزيكم بعملكم. ثم اغتنم الفرصة ليدعوا إلى ربه فقال مستفهما ﴿أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ أي أصناماً وأوثاناً لا تسمع ولا تبصر ﴿إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً﴾ (١) وإن قلّ ولا ينقذون مما أراده بي من ضر ونحوه ﴿إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) ﴾ أي إني إذا أنا عبدت هذه الأصنام التي لا تنفع ولا تضر لفي ضلال مبين واضح لا يحتاج إلى دليل عليه. ورفع صوته مبلغاً ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ أي بخالقكم ورازقكم ومالك أمركم دون هذه الأصنام والأوثان ﴿فَاسْمَعُونِ﴾ وهنا وثبوا عليه فقتلوه. ولما قيل له ادخل الجنة ورأى نعيمها ذكر قومه ناصحاً لهم فقال: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي (٣) رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٤) ﴾ أي يعلمون بما غفر له وجعله من المكرمين وهو الإيمان والتوحيد حتى يؤمنوا ويوحدوا فنصح قومه حياً وميتاً وهذا شأن المسلم الحسن الإسلام والمؤمن الصادق الإيمان ينصح ولا يغش ويرشد ولا يضل ومهما قالوا له وفيه ومهما عاملوه به من شدة وقسوة حتى الموت قتلاً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان كرامة حبيب بن النجار الذي نصح قومه حياً وميتاً.
٢- بيان ما يلاقي دعاة التوحيد والدين الحق في كل زمان ومكان من شدائد وأهوال.
٣- وجوب إبلاغ دعوة الحق والتنديد بالشرك ومهما كان العذاب قاسياً.
٤- بشرى المؤمن عند الموت لا سيما الشهيد فإنه يرى الجنة رأي العين.
٢ - إن إذاً لفي ضلال مبين الجملة جواب للاستفهام الإنكاري في قوله أأتخذ من دونه آلهة أي إن اتخذت من دون الله آلهة إني في ضلال مبين.
٣ - بما غفر: ما مصدرية تسبك بمصدر نحو بمغفرة ربي لي.
٤ - من المكرمين الملائكة والأنبياء والشهداء والصالحين.