إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين: أي عن يمين أحدنا تزينون له الباطل وتحسنون له الشر فتأمرونه بالشرك وتنهونه عن التوحيد.
قالوا بل لم تكونوا مؤمنين: أي قال قرناؤهم من الجن ردّا عليهم بل لم تكونوا أساسا مؤمنين.
وما كان لنا عليكم من سلطان: أي من حجة ولا قوة على حملكم على الشرك والشر والباطل.
بل كنتم قوماً طاغين: أي بل كنتم طغاة ظلمة تعبدون غير الله تعالى وتجبرون الناس على ذلك.
معنى الآيات:
ما زال السياق في موقف عرصات القيامة إنهم بعد اعترافهم بأن هذا يوم الدين ورد الله تعالى عليهم بقوله ﴿هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون﴾ يقول الجبار عز وجل ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ أي احشروا الذين ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي (١)، وقوله ﴿وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ أي قرناؤهم (٢) من الجن ﴿وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ من الأصنام والأوثان. وقوله تعالى ﴿فَاهْدُوهُمْ (٣) إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ يقول الله عز وجل فاهدوهم أي دلوهم إلى طريق النار. ويقول ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾ ثم يسألون ﴿مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ (٤) ﴾ أي لا ينصر بعضكم بعضاً كما كنتم في الدنيا. كيف ينصر بعضهم بعضا في مثل هذا الموقف الرهيب بل هم اليوم مستسلمون أي منقادون ذليلون وقوله تعالى ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ أي أقبل الأتباع على المتبوعين يتساءلون أي يتلاومون كل يلقي بالمسؤولية على الآخر. فقال الأتباع من الإنس لقرنائهم من الجن ما أخبر تعالى به عنهم ﴿إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (٥) ﴾ أي والشمال أي توسوسون لنا فتحسّنون لنا الشرك والشر بل تأمروننا به وتحضوننا عليه. فرد عليهم قرناؤهم بما أخبر تعالى به عنهم ﴿قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ أي ما كنتم مؤمنين فكفرناكم ولا
٢ - وفسر أزواجهم أيضا بأشياعهم وقرنائهم وهم من الجن وما في التفسير أولى.
٣ - أي سوقوهم إلى النار والمأمور الملائكة كما تقدم.
٤ - ما لكم لا تناصرون أي ينصر بعضكم بعضاً كما كنتم في الدنيا ولاستفهام للتقريع والتوبيخ.
٥ - اضطرب أهل التفسير في تفسير تأتوننا عن اليمين وأقوالهم متضاربة فمنهم من قال تأتوننا عن طريق الخير وتصدوننا عنها قاله قتادة، ومنهم من قال اليمين بمعنى القوة أي تمنعوننا بقوة وغلبة وقهر وهذا ينسجم مع السياق وما في التفسير شامل لهذه الأقوال إذ معناه إنكم تأتوننا من كل جهة تحاولون إغواءنا وإضلالنا.