يعاقبكم؟ وقوله ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ هنا كلام محذوف دل عليه المقام وهو أن أهل البلد قد عزموا على الخروج إلى عيد لهم يقضونه خارج البلد، فعرضوا عليه الخروج معهم فاعتذر بقوله إني سقيم أي ذو سقم بعد أن نظر في النجوم موهماً لهم أنه رأى ما دله على أنه سيصاب بسقم وهو مرض الطاعون وكان القوم منجمين ينظرون إلى النجوم فيدعون أنهم يعرفون بذلك الخير والشر الذي ينزل إلى الأرض بواسطة الكواكب فأوهمهم بذلك فتركوه خوفا من عدوى الطاعون، أو تركوه قبولاً لعذره (١) هذا ما دل عليه قوله تعالى ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ أي لذلك ورجعوا إلى أمورهم وما هم عازمون عليه من الخروج إلى العيد خارج البلد وهو معنى فتولوا عنه مدبرين وهنا وقد خلا له المكان الذي فيه الآلهة من الحراس والعباد والزوار للآلهة في بهوها الخاص فنفذ ما حلف على تنفيذه في مناظرة كانت بينه وبين بعضهم إذ قال ﴿وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾ وبدأ المهمة فقال للآلهة وأنواع الأطعمة أمامها تلك الأطعمة من الحلويات وغيرها التي يتركها المشركون لتباركها الآلهة ثم يأكلونها رجاء بركتها ﴿أَلا تَأْكُلُونَ﴾ عارضا عليها الأكل سخرية بها فلم تجبه ولم تأكل فقال لها ﴿مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ﴾ ثم انهال عليها ضربا بفأس بيده اليمنى فكسرها وجعلها جذاذا أي قطعاً متناثرة. فلما رجعوا من عيدهم مساء وجاءوا بهو الآلهة ليأخذوا الأطعمة وجدوا الآلهة مكسرة ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ أي مسرعين بأن طلبوا من رجالهم إحضاره على الفور فأحضروه وأخذوا يحاكمونه فقال في دفاعه ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾ أي بأيديكم من أصنام بعضها من حجر وبعض من خشب ومن فضة ومن ذهب أيضا، ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ من كل عمل من أعمالكم فلم لا تعبدونه، وتعبدون أصناماً لا تنفع ولا تضر، ولما غلبهم في الحجة وانهزموا أمامه أصدروا أمرهم بإحراقه بالنار فقالوا ﴿ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً﴾ أي فرنا عظيما واملأوه حطبا وأضرموا فيه النار حتى إذا التهب فألقوه في جحيمه وهو معنى قوله تعالى ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ وقوله تعالى ﴿فَأَرَادُوا﴾ أي بإبراهيم ﴿كَيْداً﴾ أي شراً وذلك بعزمهم على إحراقه وتنفيذهم ما عزموا عليه ﴿فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ أي المتهورين المغلوبين إذ قال تعالى للنار ﴿كوني بردا وسلاماً على إبراهيم﴾ فكانت فخرج منها إبراهيم ولم يحرق سوى كتافيه الذي في يديه ورجليه وخيب الله سعي المشركين وأذلهم أمام إبراهيم وأخزاهم