يكن به ضر البتة. وقوله تعالى ﴿وَوَهَبْنَا (١) لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ أي عوضه الله تعالى عما فقد من أهل وولد، وقوله ﴿رَحْمَةً مِنَّا﴾ أي كان ذلك التعويض لأيوب ﴿رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ أي عبرة لأولي القلوب الحية الواعية يعلمون بها أن الله قد يبتلي أحب عباده إليه ليرفعه بذلك درجات عالية ما كان ليصل إليها دون ابتلاء في ذات الله والصبر عليه. وقوله ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ (٢) ضِغْثاً﴾ أي قلنا له خذ بيدك ضغثا أي حزمة من حشيش يابس واضرب به امرأتك ضربة واحدة إذ في الحزمة مائة عود وكان قد حلف أن يضرب امرأته مائة جلدة لما حصل منها من تقصير في يوم من أيام حياتهما، فأفتاه ربه تعال بما ذكر في هذه الآية. وقوله تعالى ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ (٣) صَابِراً﴾ أي قد اختبرناه بالمرض وفقد الأهل والمال والولد فوجدناه صابراً، وبذلك أثنى عليه بقوله ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ﴾ أي أيوب ﴿إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ رجاع إلى ربه في كل أمره لا يعرف إلا الله.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طريق هذا القصص الذي لا يتأتى إلا بالوحي الإلهي.
٢- قد يبتلي الله تعالى من يحبه من عباده ليزيد في علو مقامه ورفعة شأنه.
٣- فضل الصبر وعاقبته الحميدة في الدنيا والآخرة.
٤- مشروعية الفتيا وهي خاصة بأهل الفقه والعلم.
٥- وجوب الكفارة على من حنث في يمينه.
وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧) وَاذْكُرْ
٢ - هذه الفتيا مما خص الله تعالى بها عبده أيوب فلا تتعداه إلى غيره والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وفعلت الذي هو خير وما روى أبو داود من أن رجلا مريضا وجب عليه حد فأفتاهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضربه بعثكول نخل به مائة عود فضربوه به ضربة واحدة فإن الخبر إن صح فالعلة هي مرضه الشديد وعلته القائمة به.
٣ - الجملة تعليلية لما تقدم من إنعام الله تعالى على أيوب أي وهبه الله ذلك الإنعام لصبره على ما ابتلاه به وكذا جملة إنه أواب.