هذا فوج مقتحم معكم: أي يقال لهم عند دخولهم النار هذا فوج مقتحم معكم.
لا مرحبا بهم: أي لا سعة عليهم ولا راحة لهم إنهم صالوا النار.
قالوا: أي الأتباع للطاغين: بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا.
قالوا ربنا من قدم لنا هذا: أي الأتباع أي من كان سببا في عذابنا هذا في جهنم فزده عذابا.
وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً: أي قال الطاغون وهم في النار ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار في الدنيا يعنون فقراء المسلمين كبلال وعمار وصهيب.
أتخذناهم سخرياً: أي كنا نسخر منهم في الدنيا.
أم زاغت عنهم الأبصار: أي أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار؟ فلم نرهم.
إن ذلك لحق تخاصم أهل النار: أي إن ذلك المذكور لأهل النار لحق ثابت وهو تخاصم أهل النار.
معنى الآيات:
بعد ذكر نعيم أهل الإيمان والتقوى ناسب ذكر شقاء أهل الكفر والفجور وهو أسلوب الترهيب والترغيب الذي امتاز به القرآن الكريم في هداية العباد. فقال تعالى ﴿هَذَا (١) ﴾ أي ما تقدم ذكره من نعيم أهل السعادة ﴿وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ﴾ وهم المشركون الظلمة كأبي جهل وعتبة بن معيط والعاص بن وائل ﴿لَشَرَّ مَآبٍ﴾ أي لأسوأ مرجع وأقبحه وهو ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢) ﴾ هي يمهدها الظالمون لأنفسهم. وقوله تعالى ﴿هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ﴾ أي هذا حميم وغساق (٣) فليذوقوه والحميم الماء الحار المحرق والغساق ما سال من جلود ولحوم وفروج الزناة من أهل النار كالقيح والصديد وقوله ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ (٤) ﴾ أي وعذاب آخر من شكل الأول ﴿أَزْوَاجٌ﴾ أي أصناف عديدة وقوله تعالى ﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ﴾ أي يقال (٥) عند دخولهم النار هذا فوج أي فريق مقتحم معكم في النار، فيقول الطاغون ﴿لا مَرْحَباً (٦) بِهِمْ﴾ أي لا سعة ولا راحة لهم {إِنَّهُمْ صَالُو
٢ - الفاء في فبئس المهاد للترتيب والسبب.
٣ - الغساق سائل في جهنم يقال غسق الجرح إذا سال منه ماء أصفر. قرأ الجمهور "غساق" بالتخفيف وقرأه حفص وبعض بالتشديد فهما لغتان فيه والتشديد للمبالغة في غاسق وهو أقرب.
٤ - وآخر صفة لموصوف محذوف أي وعذاب آخر من شكله أي من مثله أزواج أي أصناف متعددة.
٥ - يبدوا أن القائل هم الزبانية يخاطبون الطغاة وهم يعذبونهم هذا فوج.
٦ - لا مرحبا نفي للكلمة التي يقولها المزور لمن زاره وهي إنشاء دعاء للوافد. وهي مصدر بوزن مفعل، والعامل فيه محذوف تقديره أتيت رحبا أي مكاناً ذا رحب، فإذا أراداو نفيه قالوا لا مرحباً بكم. قال الشاعر:
لا مرحبا بغدٍ ولا أهلا به
إذا كان تفريق الأحبة في غدٍ