وحي يوحى إليه. وهنا قال تعالى لرسوله قل لقومك المكذبين برسالتك ﴿مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي على البلاغ ﴿مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (١) ﴾ الذين يتقولون على الله ويقولون ما لم يقل ﴿إِنْ هُوَ﴾ أي القرآن ﴿إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ من الإنس والجن يذكرون به فيؤمنون ويهتدون ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ أي ولتعرفن صدق ما أخبر به من وعد ووعيد وصلاحية ما تضمنه من تشريع بعد حين، وقد عرف بعضهم ذلك يوم بدر، ويوم الفتح، ويوم مؤتة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- ذم الكبر والحسد وحرمتهما وبيان جزائهما.
٢- مشروعية القياس إن كان قياساً صحيحاً، وبيان أخطار القياس الفاسد.
٣- مشروعية القسم بالله وبصفاته وأسمائه.
٤- بيان أن من كتب الله سعادتهم لا يقوى الشيطان على إغوائهم وإضلالهم.
٥- لا يجوز أخذ الأجرة على بيان الحق والدين.
٦- ذم التكلّف (١) المفضي إلى الكذب والتقول على الله والرسول والمؤمنين.
٧- ظهر مصداق ما أخبر به القرآن بعد حين قصير وطويل.

١ - التكلف: معالجة الكلفة وهو ما يشق على المرء عمله أو علمه أو قوله لعدم قدرته على ذلك روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال من سئل عما لا يعلم فليقل لا أعلم، ولا يتكلف فإن قوله لا أعلم علم وقد قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾. روي أن للمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم. وروى الدارقطني أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر في بعض أسفاره على رجل جالس على مقراة له وقال له عمر يا صاحب المقراة أولغت السباع الليلة في مقراتك*؟ فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا صاحب المقراة لا تخبره، هذا متكلف، لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور، كما روى مالك في الموطأ أن عمر خرج في ركب معهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضاً فقال عمرو بن العاص يا صاحب الحوض هل ترد السباع حوضك؟ فقال عمر يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا.
* المقراة: الحوض يجمع فيه الماء.


الصفحة التالية
Icon