الثابتة أقبل عليهم يعظهم فقال: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ﴾ أي غالبين في الأرض أي أرض مصر بكامل ترابها وحدودها. لكن إن نحن أسرفنا في الظلم والافتراء فقتلنا أولياء الله فجاءنا بأس الله عقوبةً لنا فمن ينصرنا؟ إنه لا ناصر لنا أبداً من الله فتفهموا ما قلت لكم جيداً، ولا يهلك على الله إلا هالك، وهنا قام فرعون يرد على كلمة الرجل المؤمن فقال ما أخبر تعالى به عنه في قوله: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى﴾ أي ما أشير عليكم بشيء إلا وقد رأيته صائباً وسديداً، يعني قتل موسى عليه السلام، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد أي إلاّ إلى طريق الحق والصواب، وكذب والله.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- فضل الإيمان وفضل صاحبه فقد ورد الثناء على هذا الرجل في ثلاثة رجال هم مؤمن آل فرعون هذا، وحبيب النجار مؤمن آل ياسين وأبو بكر (١) الصديق رضي الله عنه.
٢- فصاحة مؤمن آل فرعون هي ثمرة إيمانه وبركته العاجلة فإن لكلماته وقع كبير في النفوس.
٣- التنديد بالإسراف في كل شيء والكذب والافتراء في كل شيء وعلى أي شيء.
٤- من عجيب أمر فرعون ادعاؤه أنه يهدي إلى الرشد والسداد والصواب في القول والعمل، حتى ضرب به المثل فقيل: فرعون يهدي إلى الرشد.
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (٣١) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٣)

١- روى البخاري وغيره أن المشركين تعرضوا للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حول الكعبة بسوء فجاء أبو بكر يصرخ فيهم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله. فضربوه ضرباً شديداً حتى أغمي عليه فلما أفاق قال كيف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال عليّ أبو بكر أفضل من مؤمن آل فرعون لأن أبا بكر ما أخفى إيمانه بل أظهره وأوذي ومؤمن آل فرعون كتم إيمانه ولم يؤذ.


الصفحة التالية
Icon