هو ماء حار تناهي في الحرارة ثم في النار يسجرون (١) أي توقد بهم النار كما توقد بالحطب، هذا عذاب جسماني ووراءه عذاب روحاني إذ تقول لهم الملائكة توبيخاً وتبكيتاً وتأنيباً وتقريعاً: ﴿أَيْنَ (٢) مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ أي أين أوثانكم التي كنتم تعبدونها مع الله؟ فيقولون: ضلوا عنا أي غابوا فلم نرهم، بل ما كنا ندعو من قبل شيئاً هذا إنكار منهم حملهم عليه الخوف أو هو بحسب الواقع أنهم ما كانوا يعبدون شيئاً إذ عبادة الأصنام ليست شيئاً لبطلانها.
وقوله ﴿ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ (٣) فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ أي حل بكم هذا العذاب بسبب فرحكم بالباطل من شرك وتكذيب وفسق وفجور، في الدنيا، وبسبب مرحكم أيضا وهو أشد الفرح وأخيراً يقال لهم ﴿ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ﴾ باباً بعد باب وهي أبواب الدركات ﴿خَالِدِينَ (٤) فِيهَا﴾ لا تموتون ولا تخرجون ﴿فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ أي ساء وقبح مثواكم في جهنم من مثوى أي مأوى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- التعجيب من حال المكذبين بآيات الله المجادلين فيها كيف يصرفون عن الحق بعد وضوح أدلته وقوة براهينه.
٢- إبراز صورة واضحة للمكذبين بالآيات المجادلين لإبطال الحق وهم في جهنم يقاسون العذاب بعد أن وضعت الأغلال في أعناقهم والسلاسل في أرجلهم يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون.
٣- ذم الفرح بغير فضل الله ورحمته، وذم المرح وهو أشد الفرح.
٤- ذم التكبر وسوء عاقبة المتكبرين الذين يمنعهم الكبر من الاعتراف بالحق ويحملهم على احتقار الناس وازدراء الضعفاء منهم.
٢- الاستفهام بأين يكون عن المكان وأريد به هنا التنبيه على الغلط والفضيحة في الموقف.
٣- ما مصدرية في الموضعين والتقدير أي ذلكم العذاب الذي وقعتم فيه مسبب على فرحكم ومرحكم الذين كانا لكم في الدنيا إذ الأرض المراد بها الدنيا.
٤- خالدين حال مقدرة أي مقدر خلودكم فيها و ﴿فبئس مثوى المتكبرين﴾ متفرع على الخلود والمخصوص بالذم محذوف تقديره جهنم.