هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٨٢) أما الآية الثانية (٨٣) فهي قوله تعالى ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ يخبر تعالى عن المكذبين الهالكين أنهم لما جاءتهم رسلهم بالحجج والأدلة الظاهرة على توحيد الله والبعث والجزاء وصدقهم في النبوة ولرسالة ﴿فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ (١) مِنَ الْعِلْمِ﴾ المادي وسخروا من العلم الروحي واستهزأوا بأهله فرحا ومرحاً، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ أي أحاط بهم العذاب الذي كان نتيجة كفرهم وتكذيبهم واستهزائهم، فلما رأوا عذاب الله الشديد وقد حاق بهم أعلنوا عن توبتهم فـ ﴿قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ أي قالوا لا إله إلا الله. قال تعالى ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ أي شديد عذابنا ﴿سُنَّتَ (٢) اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾ وأخبر تعالى أن هذه سنة من سننه في خلقه وهي أن الإيمان لا ينفع عند معاينة العذاب إذ لو كان يقبل الإيمان عند رؤية العذاب وحلوله لما كفروا كافر ولما دخل النار أحد. وقوله ﴿وَخَسِرَ (٣) هُنَالِكَ﴾ أي عند رؤية العذاب وحلوله ﴿الْكَافِرُونَ﴾ أي المكذبون المستهزئون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- مشروعية السير في البلاد للعظة والاعتبار تقوية للإيمان.
٢- القوى المادية لا تغني عن أصحابها شيئا إذا أرادهم الله بسوء.
٣- بيان سنة بشرية وهي أن الماديين يغترون بمعارفهم المادية ليستغنوا بها عن العلوم الروحية في نظرهم إلا أنها لا تغني عنهم شيئاً عند حلول العذاب بهم في الدنيا وفي الآخرة.
٢- سنة مصدر سنّ يسن سنا وسنة أي سن الله عز وجل في الكفار أنه لا ينفعهم الإيمان إذا رأوا العذاب وجائز أن يكون سنة منصوب والإغراء والتحذير أي احذروا أيها المشركون سنة الله.
٣- خسر هنالك هذه الجملة كالفذلكة لقوله فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا وهنالك أسم إشارة إلى مكان استعير للإشارة إلى الزمان أي خسروا وقت رؤيتهم بأسنا.