لا يؤتون الزكاة: أي زكاة أنفسهم بما يطهرها من أوضار الشرك والمعاصي.
لهم أجر غير ممنون: أي ثواب الآخرة وهو الجنة ونعيمها لا ينقطع بحال هو أجر غير ممنون.
معنى الآيات:
إنه بعد تلك المفاصلة التي قام بها المشركون حفاظاً على الوثنية وجهل الجاهلية أمر تعالى رسوله أن يقول لهم إنما أنا بشر مثلكم في آدميتي لم أدّع يوما غيرها فلم أقل إني ملك، إلا أني أفضلكم بشيء وهو أنه يوحى إليّ من قبل ربي، والموحى به إلي هو أنما إلهكم الحق إله واحد لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته، وعليه فاخلعوا تلك الأوثان واستقيموا (١) إليه تعالى بإخلاص العبادة والوجوه إليه، واستغفروه من آثار الذنب السابق قبل الاستقامة على الإيمان والتوحيد وقوله تعالى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ يخبر تعالى أن الويل وهو مُرُّ العذاب إذ من معاني الويل أنه صديد وقيح أهل النار وما يسيل من أبدانهم وفروجهم للمشركين بربهم الذين لا يؤتون (٢) زكاة أموالهم، وهم بالآخرة هم كافرون أي لا يؤمنون بالبعث والجزاء فلذا هم لا يتركون شراً ولا يفعلون خيراً إلا ما قل وندر والنادر لا حكم له.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ (٣) آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي آمنوا بالله وعده ووعيده وشرعه وعملوا الصالحات بأداء الفرائض والكثير من النوافل بعد تجنبهم الشرك والكبائر من الذنوب والمعاصي هؤلاء لهم أجر غير ممنون (٤) مقابل إيمانهم وصالح أعمالهم، والأجر هو الثواب والمراد به الجنة إذ نعيمها لا ينقطع على من ناله وفاز به بحال من الأحوال.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير النبوة والتوحيد.
٢- وجوب الاستقامة على شرع الله.
٣- وجوب الاستغفار من كل ذنب صغيراً كان أو كبيراً.
٤- وجوب الزكاة في الأموال، ووجوب تزكية النفوس بالإيمان وصالح الأعمال.
٢- قال ابن عباس لا يؤتون الزكاة أي لا يشهدون أن لا إله إلا الله وهي زكاة الأنفس لأن السورة مكية والزكاة فرضت بالمدينة وقال بعضهم إن قريشاً كانوا ينفقون النفقات ويسقون الحجيج ويطعمونهم فحرموا ذلك من آمن بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزلت هذه الآية.
٣- الجملة مستأنفة استئنافاً بيانيا نشأ عن الوعيد المتقدم فكأن سائلاً يقول فإن اتعظ هؤلاء المشركون وتابوا من الشرك وترك المعاصي فما جزاؤهم؟ فالجواب أن الذين آمنوا عملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون.
٤- المن القطع ومن منّ صدقته فقد قطعها قال الشاعر:
لعمرك ما بأبي بذي غلق
على الصديق ولا خيري بممنون