وهذه نظرة مادية بحتة إذ رأوا أن الشرف بالمال، ولما كان محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا مال له ولا ثراء رأوا أنه ليس أهلا للرسالة ولا للمتابعة عليها، فرد تعالى عيهم نظريتهم المادية الهابطة هذه بقوله: ﴿أَهُمْ (١) يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾ ؟ أما يخجلون عندما قالوا أهم يقسمون رحمة ربك فيعطون منها من شاءوا ويمنعون من شاءوا أم نحن القاسمون؟ إنا قسمنا بينهم معيشتهم: طعامهم وشرابهم وكساهم وسكنهم ومركوبهم في الحياة الدنيا فالعاجز حتى عن إطعام نفسه وسقيها وكسوتها كيف لا يستحي أن يعترض على الله في اختياره من هو أهل لنبوته ورسالته؟ وقوله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ أي في الرزق فهذا غني وذاك فقير من أجل أن يخدم الفقير الغني وهو معنى قوله تعالى: ﴿لِيَتَّخِذَ (٢) بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً﴾، إذ لو كانوا كلهم أغنياء لما خدم أحد أحداً وتعطلت الحياة وقوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتُ رَبِّكَ﴾ أي الجنة دار السلام خير مما يجمعون من المال الذي فضلوا أهله وإن كانوا من أحط الناس قدرا أدناهم شرفاً. ورأوا أنهم أولى بالنبوة منك لمرض نفوسهم بحب المال والشهوات.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- من الكمال العقلي أن يبتع المرء الهدى ولو خالفه قومه وأهل بلاده.
٢- وجوب البراءة من الشرك والمشركين وهذا معنى لا إله إلا الله.
٣- فضيلة من يورث أولاده هدى وصلاحاً.
٤- لا يعترض على الله أحد في شرعه وتدبيره إلا كفر والعياذ بالله تعالى.
٥- بيان الحكمة في الغنى والفقر، والصحة والمرض والذكاء والغباء.
وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفاً وَإِنْ

١- الاستفهام إنكاري متضمن التوبيخ لهؤلاء الزاعمين اختيار من شاءوا للاصطفاء والرسالة فعلموا أنه لا حق لهم في هذا الاختيار إذ هم لا خيار لهم حتى في طعامهم وشرابهم فضلا عن اختيار من يرسل ومن لا يرسل.
٢- الجملة تعليلية للتفاضل في الرزق أي فاضل بينهم في الغنى والفقر ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً أي يستخدم الغني الفقير في قضاء حاجتة وليأخذ الفقير منه ما يسد به حاجته والسخري هنا بمعنى التسخير للعمل وليس بمعنى السخرية والاستهزاء إذ أجمع السبعة على قراءة ضم السين وعدم كسرها.


الصفحة التالية
Icon