لهم الاستكبار ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (١) ﴾ أي كذبوا بالبعث الآخر. قال تعالى: ﴿فَأَخَذْنَاهُ (٢) وَجُنُودَهُ﴾ أي بسبب استكبارهم وكفرهم وتكذيبهم بآيات الله ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (٣) ﴾ أي في البحر وقال لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ إنها كانت وبالاً عليهم وخساراً لهم. وقوله تعالى ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ أي وجعلنا فرعون وملأه أئمة في الكفر تقتدي بهم العتاة والطغاة في كل زمان ومكان ﴿يدعون إلى النار﴾ بالكفر والشرك والمعاصي وهي موجبات النار. ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ﴾ بل يضاعف لهم العذاب ويخذلون ويهانون لأن من دعا إلى سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيء.
وقوله تعالى: ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ﴾ أي آل فرعون ﴿فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً﴾ انتهت بهم إلى الغرق الكامل والخسران التام، ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤) ﴾ أي المبعدين من رحمة الله الثاوين في جهنم ولبئس مثوى المتكبرين وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ أي التوراة وذلك بعد إهلاك الظالمين وقوله ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ أي قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم إبراهيم وقوله ﴿بَصَائِرَ﴾ أي الكتاب بما يحمل من الهدى والنور ﴿بَصَائِرَ﴾ أي ضياء للناس من بني إسرائيل يبصرون على ضوءه كل ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم ﴿وَهُدىً وَرَحْمَةً﴾ أي وبيانا لهم ورحمة لمن يعمل به منهم. وقوله ﴿لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ أي وجود الكتاب بصائر وهدى ورحمة بين أيديهم حال تدعوهم إلى أن يتذكّروا دائماً نعم الله عليهم فيشكرونه بالإيمان به وبرسله وبطاعته وطاعة رسله عليهم السلام.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان أن فرعون كان على علم بأنه عبد مربوب لله وأن الله هو رب العالمين.
٢- تقرير صفة العلو والاستكبار لفرعون وأنه كان من العالين.
٣- بيان كيف تكون عاقبة الظلمة دماراً وفساداً.

١- يطلق الظن ويراد به اليقين ويكون على بابه وهو هنا كفر ولو كان على بابه لأن الشك في العقائد كفر.
٢- قيل من هلك مع فرعون من جند كانوا مليوناً وستمائة ألف.
٣- ناحية بحر القلزم في موضع منه يقال له بطن عُريرة.
٤- المشوّهي الخلقة المسودي الوجوه زرق العيون فما أقبحهم وما أقبح ما كانوا يصنعون!! يقال: قبحه وقبحه مشدداً ومخففاً أي: نحاه من كل خير، أو جعله قبيحا. قال الشاعر:
ألا قبّح الله البراجم كلها
وقبح يربوعاً وقبح دارما


الصفحة التالية
Icon