حتى بلغ رسالة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أرسله به فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به قال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان قتل. فقال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندئذ لا نبرح حتى نناجز القوم ودعا الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، هذا معنى قوله تعالى ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ١ تَحْتَ الشَّجَرَةِ٢ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أي من الصدق والوفاء فأنزل السكينة أي الطمأنينة والثبات عليهم وأثابهم أي جزاهم على صدقهم ووفائهم فتحا قريبا وهو صلح الحديبية وفتح خيبر، ٣ ومغانم كثيرة يأخذونها وهي غنائم خيبر، وكان الله٤ عزيزا أي غالبا على أمره، حكيما في تدبيره لأوليائه.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
١- بيان فضل أهل بيعة الرضوان وكرامة الله لهم برضاه عنهم.
٢- ذكاء عمر وقوة فراسته إذ أمر بقطع الشجرة خشية أن تعبد، وكم عبدت من أشجار في أمة الإسلام في غيبة العلماء وأهل القرآن.
٣- مكافأة الله تعالى للصادقين الصابرين المجاهدين من عباده المؤمنين بخير الدنيا والآخرة.
وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ بِهَا

(إذ يبايعونك) ظرف متعلق ب (رضي) والمضارع بمعنى الماضي وإنما جيء بالمضارع لاستحضار حالة المبايعة الجليلة وصورتها العظيمة. وكون الرضى حصل قبل انتهاء البيعة إيذان بفضلها وفضل أهلها.
(تحت الشجرة) التعريف للشجرة للعهد الذي عرفه أهلها حين كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً في ظلها فبايع أصحابه كلهم إلا الجد بن قيس وكان منافقاً غير مؤمن فلم يبايع كما في التفسير، حين كان لاصقاً بإبط ناقته.
٣ المغانم الكثيرة: هي مغانم بلاد خيبر من أرض وأنعام ومتاع وحوايط وبساتين، ووصف الغنائم بجملة يأخذونها دال على تحقيق حصول فائدة هذا الوعد لجميع أهل البيعة وبشارة لهم بأنه لم يهلك منهم أحداً قبل صولهم على هذه الغنائم وكذلك كان والحمد لله.
٤ هذه الجملة معترضة ذيل بها قوله تعالى: ﴿وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا﴾ لأن ما حصل لهم من نصر وخير كان من مظاهر عزة الله وعظيم حكمته.


الصفحة التالية
Icon