لا تخافون: أي أبداً حال الإحرام وبعده.
فعلم ما لم تعلموا: أي في الصلح الذي تم، أي لم تعلموا من ذلك المعرة التي كانت تلحق المسلمين بقتالهم إخوانهم المؤمنين وهم لا يشعرون.
فجعل من دون ذلك فتحاً قريبا: هو فتح خيبر وتحققت الرؤية في العام القابل.
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ةدين الحق: فلذا لا يخلفه رؤياه بل يصدقه فيها.
ليظهره على الدين كله: أي ليعليه على سائر الأديان بنسخ الحق فيها، وإبطال الباطل فيها، أو بتسليط المسلمين على أهلها فيحكمونهم.
وكفى بالله شهيدا: أي أنك مرسل بما ذكر أي بالهدى ودين الحق.
معنى الآيات:
ما زال السياق في صلح الحديبية وما تم فيه من أحداث فقال تعالى ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ﴾ أي محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿الرُّؤْيا بِالْحَقِّ﴾ ١ أي٢ الرؤية التي رآها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبر بها أصحابه عند خروجهم من المدينة إلى مكة فقد أخبر بها أصحابه فسروا بذلك وفرحوا ولما تم الصلح بعد جهاد سياسي وعسكري مرير، وأمرهم الرسول أن ينحروا ويحلقوا اندهشوا لذلك وقال بعضهم أين الرؤيا التي رأيت؟ ونزلت سورة الفتح عند منصرفهم من الحديبية وفيها قوله تعالى ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ٣ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ٤ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ﴾، وقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق فلما جاء العام القابل وفي نفس الأيام من شهر القعدة خرج رسول الله والمسلمون محرمين يلبون وأخلت لهم قريش المسجد الحرام فطافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة وتحللوا من عمرتهم فمنهم المحلق ومنهم المقصر.
(بالحق) الباء للملابسة، وهو ظرف مستقر وقع صفة لمصدر محذوف تقديره أي: صدقاً وملابساً للحق.
(إن شاء الله) هل هذا الإستثناء من جملة ما رآه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامه فأعاده كما سمعه في الرؤية ويكون هذا تعليماً من الله عز وجل للمؤمنين أن يقولوا مثله في كل ما هو مستقبل من الأقوال والأعمال أو قاله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عملا بقول الله تعالى: ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ﴾.
(آمنين) و (محلقين) و (مقصرين) : منصوبة على الحال، وجملة (لا تخافون) في موضع الحال أيضا مؤكدة ل (آمنين) الحال.