شرح الكلمات:
فذكر فما أنت بنعمة ربك: أي فذكر بالقرآن وعظ من أرسلت إليهم من قومك وغيرهم فلست بنعمت ربك عليك بالعقل وكمال الخلق والوحي إليك.
بكاهن ولا مجنون: أي بمتعاطٍ للكهانة فتخبر عن الغيب بواسطة رئي من الجن ولا أنت بمجنون.
نتربص به ريب المنون: أي تنظر به حوادث الدهر من موت وغيره.
أم تأمرهم أحلامهم بهذا: أي أتأمرهم أحلامهم أي عقولهم بهذا وهو قولهم إنك كاهن ومجنون لم تأمرهم عقولهم به.
أم هم قوم طاغون: أي بل هم قوم طاغون متجاوزون لكل حد تقف عنده العقول.
أم يقولون تقوله؟ : أي أختلق القرآن وكذبه من تلقاء نفسه.
فليأتوا بحديث مثله: أي فليأتوا بقرآن مثله يختلقونه بأنفسهم.
إن كانوا صادقين: أي في أن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختلق القرآن.
معنى الآيات:
بعد ذلك العرض لأحوال أهل النار وأهل الجنة فلم يبق إلا التذكير يا رسولنا فذكر أي قومك ومن تصل إليهم كلمتك من سائر الناس بالقرآن وما يحمل من وعد ووعيد، وما يدعوا إليه من هدىً وطريق مستقيم، فما أنت بنعمة ربك أي بما أولاك ربك من رجاحة العقل وكمال الخلق وكرم الفعال وشرف النبوة بكاهن تقول الغيب بواسطة رئي من الجن، ولا مجنون تخلط القول وتقول بما لا يفهم عنك ولا يعقل. وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ ١نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ ٢ أي بل يقولون هو شاعر كالنابغة وزهير نتربص به حوادث الدهر حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء ولا ندخل معه في خصومة وجدل قد يغلبنا. وقوله تعالى قل تربصوا٣ أي ما دمتم قد رأيتم التربص بي فتربصوا فإني معكم من المتربصين، وقوله تعالى: ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا﴾ والاستفهام للنفي والتوبيخ والجواب لم تأمرهم عقولهم بهذا بل هم قوم طاغون أي إن طغيانهم هو الذي يأمرهم بما يقولون
٢ روى الطبراني عن قتادة: أنهم كانوا يقولون: تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفاكم شاعر بني فلان وشاعر بني فلان، (والمنون) من أسماء الموت، والريب: أحداث الدهر. والمعنى: ينتظرون به أحداث الدهر المفضية به إلى الموت.
٣ أمر الله رسوله أن يقول لهم (تربصوا) بي ريب المنون فإني متربص بكم ما سيحدث لكم من أحداث تهلكون فيها وبهذا: معنى المفاصلة وإنهاء الجدال والمخاصمة.