شرح الكلمات:
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة: أي إن الذين لا يؤمنون بالبعث والحياة الآخرة.
ليسمون الملائكة تسمية الأنثى: أي ليطلقون على الملائكة أسماء الإناث إذ قالوا بنات الله.
وما لهم به من علم: أي وليس لهم بذلك علم من كتاب ولا هدى من نبي ولا عقل سوي.
إن يتبعون إلا الظن١: أي في تسميتهم الملائكة إناثاً إلا مجرد الظن، والظن لا تقوم به حجة ولا يعطى به حق.
فأعرض عمن تولى عن ذكرنا: أي القرآن وعبادتنا.
ولم يرد إلا الحياة الدنيا: ولم يرد من قوله ولا عمله إلا ما يحقق رغائبه من الدنيا.
ذلك مبلغهم من العلم: أي ذلك الطلب للدنيا نهاية علمهم إذ آثروا الدنيا على الآخرة.
معنى الآيات:
لما ندد تعالى بالمشركين الذين جعلوا من الأصنام والأوهام والأماني آلهة وجادلوا دونها وجالدوا ذكر ما هو علة ذلك التخبط والضلال فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ دار السعادة الحقة أو الشقاء ﴿لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾ فلو آمنوا بالآخرة لما سموا الملائكة بنات الله لأن المؤمن بالآخرة يحاسب نفسه على كل قول وعمل له تبعة يخشى أن يؤخذ بها بخلاف الذي لا يؤمن بالآخرة فإنه يقول ويفعل ما يشاء لعدم شعوره بالمسؤولية والتبعة التي قد يؤخذ بها فيهلك ويخشى كل شيء وهو تعليل سليم حكيم.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ ٢عِلْمٍ﴾ أي ليس لهم في ادعائهم أن الملائكة بنات الله أي علم يعتد به إن يتبعون فيه إلا الظن والظن أكذب الحديث، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً وبناء على هذا أمر تعالى رسوله أن يعرض عمن تولى منهم عن الحق بعد معرفته وعن الهدى بعد مشاهدته فقال تعالى ﴿فَأَعْرِضْ٣ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾ أي القرآن والإيمان والتوحيد والطاعة، ولم يرد بقوله وعمله واعتقاده إلا الحياة الدنيا إذ هو لا يؤمن بالآخرة فلذا هو قد كيف حياته بحسب
٢ نفي العلم عنهم حجة قاطعة على ادعائهم لأن ما لا يثبت بالعلم النقلي أو العقلي لا تقوم به حجة ولا يثبت به شيء وقد وبخهم تعالى في قوله: ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ﴾ ؟
٣ قيل نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث، والوليد بن المغيرة، والآية نزلت قبل الأمر بالجهاد.