معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في عرض أحوال القيامة وأهوال الموقف فقال جل جلاله وعظم سلطانه: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾ أي تفتحت لنزول الملائكة فكانت أبواباً بعد أن احمرت وتغيرت زرقتها لحمرة كحمرة الأديم الأحمر أو الفرس الأحمر أو الوردة الحمراء كل ذلك صالح لتشبيه لونها به وذابت فكانت كالدهان كما جاء وصفها في سورة المعارج يوم تكون السماء كالمهل. وهو درديٌ الزيت وعكره. فيومئذ أي١ يوم إذ يقع هذا يعظم الكرب ويشتد البلاء ويخرج الناس من قبورهم لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان أي أنسيً ولا جني فبأي آلاء ربكما تكذبان؟ وقوله تعالى ﴿يُعْرَفُ٢ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ أي باسوداد وجوههم وزرقة أعينهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام أي فيجمع الملك المكلف الإنس أو الجن المجرم بين ناصيته وقدميه ويأخذه فيرمي به في نار جهنم فبأي آلاء ربكما تكذبان أبنعمة العدالة أم بنعمة إكرام المتقين الصالحين. قولوا لا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد.
وقوله تعالى ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ﴾ أي يقال لهم توبيخاً وتبكيتاً هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون على أنفسهم بالشرك والمعاصي في الحياة الدنيا قال تعالى ﴿يَطُوفُونَ﴾ أي٣ يسعون مترددين ﴿بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ٤ آنٍ﴾ أي ماء حار اشتدت حرارته فبلغت حداً لا مزيد عليه يسقونه إذا استغاثوا من العطش. فبأي آلاء ربكما تكذبان؟ إن خزي المجرمين وتعذيبهم نعمة تقربها الفطرة البشرية ولا يقدرها إلا من ذاق طعم الخوف والعذاب الذي ينزله المجرمون بالمتقين فلذا كان تعذيبهم يوم القيامة نعمة، كما أن هذا العرض لأحوال يوم القيامة وأهوالها نعمة إذ عليه آمن المؤمنون واتقى المتقون، فلذا قال تعالى بعد وصف حال أهل النار فبأي آلاء ربكم تكذبان؟ ٥
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان الانقلاب الكوني وخراب العالم للقيامة.
٢- يبعث الناس من قبورهم ولهم علامات تميزهم فيعرف السعيد والشقي.
٣- التنديد بالإجرام وهو الشرك والظلم والمعاصي.

١ جملة: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ﴾ جواب الشرط ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاء... ﴾ الخ وجملة: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ معترضة بين الشرط والجواب.
٢ الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن قوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ﴾ والسيما: العلامة.
٣ المعنى: أنهم يتنقلون بين مكان النار وبين الماء الحار فإذا أصابهم حر النار طلبوا البرد فلاح لهم الماء فأتوه فأصابهم حره فانصرفوا إلى النار وهكذا حالهم تطواف بين النار والحميم.
(آن) اسم فاعل من أنى يأني فهو آنٍ: إذا اشتدت حرارته وبلغت منتهاها في الحر.
٥ وجائز أ، يكون تكريراً للتقرير والتوبيخ كنظائره.


الصفحة التالية
Icon