كأنهن الياقوت والمرجان: أي كأنهن في جمالهن الياقوت في صفائه والمرجان اللؤلؤ الأبيض.
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان: أي ما جزاء الإحسان بالطاعة إلا الإحسان بالنعيم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تعداد النعم وذكر أنواعها فقال تعالى ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّه١ِ﴾ أي الوقوف بين يديه في ساحة فصل القضاء يوم القيامة فأطاعه بأداء الفرائض واجتناب المحرمات ﴿جَنَّتَانِ٢﴾ أي بستانان فبأي آلاء ربكما تكذبان أبإثابة أحدكم الذي إذا هم بالمعصية ذكر قيامه بين يدي ربه فتركها فأثابه الله بجنتين. وقوله ذواتا أفنان هذا وصف للجنتين وصفهما بأنهما ذواتا أفنان جمع فنن لون أفنان ألوان٣ ولأشجارها أغصان من شأنها تورق وتثمر وتمد الظلال فبأي آلاء ربكما تكذبان أبهذا النعيم والإثابة للمتقين تكذبان.
وقوله ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ﴾ أي في الجنتين ذواتي الأفنان عينان تجريان بالماء العذب الزلال الصافي خلال تلك القصور والأشجار فبأي آلاء ربكما٤ تكذبان يا معشر الجن والإنس أبمثل هذا العطاء والإفضال تكذبان؟ وقول الرحمن فيهما من كل فاكهة زوجان أي في تينك الجنتين من كل فاكهة من الفواكه صنفان فلا يكتفى بصنف واحد إتماماً للنعيم والتنعم فبأي آلاء ربكما تكذبان أبمثل هذا الإنعام والإكرام لأهل التقوى تكذبان؟ وقوله ما أوسع رحمته وهو الرحمن ﴿مُتَّكِئِينَ٥﴾ أي حال تنعمهم على فرش على الأرائك بطائن٦ تلك الفرش من استبرق وهو الغليظ من الديباج أما الظواهر فهي السندس وهو مارق من الديباج. وقوله ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ أي وثمارها التي تجنى من أشجارها دانية أي قريبة التناول يتناولها المتقي وهو مضطجع أو قاعد أو قائم، لا شوك فيها ولا بعد لها فبأي آلاء ربكما تكذبان أبمثل هذا الإنعام والإكرام
٢ جنتان تحفان بقصره أو واحدة عن يمين القصر وأخرى عن شماله ولا يعرف مدى سعتهما إلا الله تعالى، وذلك لما ثبت أن أحدهم يعطى مثل الدنيا عشر مرات واللام في (لمن خاف) لام الملك.
٣ يطلق الفنن على اللون وعلى الغصن فأفنان الفاكهة: ألوانها المختلفة، وأفنان الشجر أغصانه، قال النابغة:
بكاء حمامة تدعو هديلا
مفجعة على فنن تغني
٤ الاستفهام في قوله: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) تكرر بتكرار النعم، وهو للتقرير والتوبيخ والحث على الشكر بالعبادة والتوحيد فيها.
(متكئين) حال من (ولمن خاف مقام ربه).
٦ البطائن: جمع بطانة بكسر الباء مشتقة من البطن خلاف الظهر وضد البطانة الظهارة، فالبطانة: أسفل الثوب والظهارة: ظهره.