لغواً ولا تأثيما: أي لا يسمعون في الجنة لغواً أي فاحش الكلام وما لا خير فيه ولا ما يوقع في
الإثم.
إلا قيلا سلاما سلاما: إلا قولا سلاما سلاما أي لا يسمعون إلا السلام من الملائكة ومن بعضهم بعضاً.
معنى الآيات:
ما زال السياق في بيان أحوال الناس إذا قامت القيامة فذكر أنهم يصيرون أصنافاً ثلاثة أصحاب يمين وأصحاب شمال وسابقين. وهنا يقول في السابقين إنهم ثلة أي جماعة من الأولين أي١ من الأمم الماضية الذين أسلموا وسبقوا إلى الإسلام مع أنبيائهم، وقيل من الآخرين٢ أي من هذه الأمة أمة محم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم الذين سبقوا إلى الإيمان والمجرة والجهاد يذكر نعيمهم فيقول وقوله الحق: ﴿عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ﴾ أي إنهم على سرر موضونة أي منسوجة ومشبكة بالذهب والجواهر، حال كونهم متكئين عليها متقابلين لا ينظر أحدهم إلى قفا الآخر بل إلى وجهه، ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ أي لللخدمة ﴿وِلْدَانٌ﴾ غلمان ﴿مُخَلَّدُونَ٣﴾ لا يكبرون فيهرمون ولا يتغيرون بل يبقون كذلك أبداً يطوفون عليهم بأكواب جمع كوب وهو قدح لا عروة له، وأباريق جمع إبريق وهو إناء له عروة وخرطوم، ﴿وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ والكأس هنا إناء شرب الجمر والمعين ما كان جاريا لا ينضب والمراد بكأس من نهر الخمر.
وقوله تعالى ﴿لا يُصَدَّعُونَ٤ عَنْهَا﴾ أي لا يصيبهم صداع من شربها، ولا ينزفون٥ أي لا تذهب عقولهم بشربها بخلاف خمر الدنيا فإنها تصيب شاربها بالصداع وذهاب العقل غالباً وقوله تعالى ﴿وَفَاكِهَةٍ﴾ ويطوف عليهم الغلمان بفاكهة وهو ما يتفكه به وليس بغذاء رئيسي وهو من سائر الفواكه، مما يتخيرون أي يختارون. ولحم طير مما يشتهون أي مما تشتهيه أنفسهم.
وقوله ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ أي ولهم في الجنة حور عين يستمتعون بهن، واحدة الحور حوراء. وهي البيضاء وواحدة العين العيناء وهو واسعة العينين والحور في العين أن يكون بياضها أكثر من
٢ من الأولى والثانية تبعيضية.
٣ قيل: إنهم على سن واحدة، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: الولدان هم أولاد المسلمين الذين يموتون صغاراً. وقال سلمان: هم أولاد المشركين الذين يموتون صغاراً. والله أعلم.
٤ التصديع: الإصابة بالصداع، وهو وجع الرأس من الخمار الناشيء عن السكر أي لا تصيبهم الخمر بصداع، وعنها بمعنى: لا يصيبهم صداع ناشيء عنها.
٥ قرأ نافع (ينزفون) بفتح الزاي من: أنزفه وقرأها حفص (ينزفون) بكسر الزاي من أنزف القاصر، إذا سكر وذهب عقله.