وإقامة الحجج والبراهين.
وقوله: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا١ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ التي هي سبيل إسعادكم وإكمالكم بعد نجاتكم من العذاب في الحياتين مع العلم أن لله ميراث السموات والأرض إذ ما بأيديكم هو لله هو واهبه لكم ومسترده منكم فلم لا تنفقون منه.
وقوله تعالى ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ ٢الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾ ٣ أي صلح الحديبية لقول الله تعالى ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾ والمراد به صلح الحديبية. أي لا يستوون في٤ الأجر والمثوبة مع من قاتل وأنفق بعد الفتح ﴿أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً﴾ من الفريقين ﴿وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى﴾ أي الجنة ﴿وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ لا يخفى عليه إنفاقكم وقتالكم وعدمهما كما لا يخفى عليه نياتكم وما تخفون في نفوسكم فاحذروه وراقبوه خيراً لكم.
وقوله تعالى ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ أي مخلصا فيه لله طيبة به نفسه ﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ ربه في الدرهم سبعمائة درهم، ﴿وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ ألا وه الجنة دار السلام.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- وجوب الإيمان بالله ورسوله وتقويته.
٢- وجوب الإنفاق في سبيل الله من زكاة ونفقة جهاد وصدقة على الفقراء والمساكين.
٣- بيان لطف الله ورأفته ورحمته بعباده مما يستلزم محبته وطاعته وشكره.
٤- الإنفاق في المجاعات والشدائد والحروب أفضل منه في اليسر والعافية.
٥- الترغيب في الإنفاق في سبيل الله بمضاعفة الأجر حتى يكون الدينار بألف دينار عند الله تعالى وما عند الله خير وأبقى، وللآخرة خير من الأولى.

١ الاستفهام للتوبيخ واللوم والعتاب وهذا مخاطب به المؤمنون.
٢ جائز أن يكون المراد بالفتح: فتح مكة، وكونه صلح الحديبية أولى وأرجح.
٣ في الكلام حذف دل عليه المذكور وهو: (من أنفق بعد الفتح وقاتل) وقد ذكرته في التفسير بدون الإشارة إلى الحذف.
٤ روى أشهب عن مالك أنه قال: ينبغي أن يقدم أهل الفضل والعزم وقد قال تعالى: ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ ٤الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾. ولهذا قدم أبو بكر على سائر الصحابة لأنه أول من آمن وأول من أنفق وأول من قاتل قدمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة، وقدمه المؤمنون بالخلافة، وقال فيه علي رضي الله عنه: سبق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وثنى أبو بكر وثلث عمر فلا أوتى برجل فضلني على أبي بكر إلا جلدته حد المفتري ثمانين جلدة وطرح الشهادة) ومما يشهد لقول مالك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا" وفي بعض الروايات: "ويعرف لعالمنا حقه".


الصفحة التالية
Icon