برسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤتكم أي يعطكم كفلين أي حظين ونصيبين من رحمته ومثوبته ويجعل لكم نوراً تمشون به في الدنيا وهو الهداية الإسلامية إذ الإسلام صراط مستقيم صاحبه لا يضل ولا يشقى وتمشون به في الآخرة على الصراط إلى دار السلام الجنة، ويغفر لكم ذنوبكم الماضية والحاضرة والله غفور رحيم١. وذلك ليعلم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين رفضوا الإيمان بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والدخول في الإسلام أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله أي لا يقدرون على الحصول على شيء٢ من فضل الله، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
١- أعظم نصيحة تقدم لأهل الكتاب لو أخذوا بها تضمنها نداء الله لهم وما وعدهم به في هذه الآية الكريمة.
٢- فضل الإيمان والتقوى إذ هما سبيل الولاية والكرامة في الدنيا والآخرة.
٣- إبطال مزاعم أهل الكتاب في احتكار الجنة لهم، وإعلامهم بأنهم محرومون منها ما لم يؤمنوا برسول الله ويتقوا الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

١ هذا بناء على أن (لا) زائدة في قوله: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ إذ الأصل لأن يعلم فزيدت اللام لتوكيد الكلام فصارت ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾ أي: لأن يعلم.
٢ أي: إلا بأذن الله إذ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. والظاهر أن المراد من الفضل هنا خصوص النبوة والرسالة وأن أهل الكتاب من اليهود يريدون حصر النبوة والرسالة في شعب إسرائيل فلذا جحدوا نبوة ورسالة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكفروا بهما فناداهم تعالى بعنوان الإيمان الذي يدعونه وأمرهم بتقواه بترك الكذب والاحتيال وأمرهم بالإيمان برسوله وواعدهم مضاعفة الأجر إن هم آمنوا، وكان هذا إعلاماً منه تعالى أن أهل الكتاب لا يقدرون على حصر الفضل فيهم ومنعه عن غيرهم فقد نبأ وأرسل من بني عمهم محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم كارهون منكرون مكذبون، وهم بين خيار بين إما الإيمان بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والفوز بالجنة والنجاة من النار وإما الإصرار على إنكار رسالته والكفر به مع الخسران في الحياتين ولا يهلك على الله إلا هالك.


الصفحة التالية
Icon