﴿خُذُوهُ١ فَغُلُّوهُ﴾ أي شدوا يديه في عنقه بالغل ﴿ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ٢﴾ أي أدخلوه فيها وصلوه بحرها المرة بعد المرة كما يصلى الكبش المشوى المصلي، ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ﴾ طويلة ﴿ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ﴾ ولم يعرف مدى طول هذه الذراع إلا انه إذا كان الكافر ما بين كتفيه كما بين مكة وقديد قرابة مائة وخمسين ميلا فإن السلسلة في ذرعها السبعين ذراعا لابد وأن تكون مناسبة لهذا الجسم ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾ أي ادخلوه فيهل فتدخل من فمه وتخرج من دبره كسلك الخرزة في الخيط وذكر تعالى علة هذا الحكم عليه فقال ﴿إِنَّهُ كَانَ﴾ أي في الدنيا ﴿لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ٣﴾ فانحصرت جريمته في شيئين الكفر بالله ومنع الحقوق الواجب في المال ثم أخبر تعالى عن حال هذا الكافر الشقي في جهنم فقال ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا﴾ أي في جهنم ﴿حَمِيمٌ٤﴾ أي صديق أو قريب ينتفع به فيدفع عنه العذاب أو يخففه ﴿وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ٥﴾ أي وليس له طعام يأكله إلا من طعام الغسلين الذي هو صديد أهل النار فإنهم عندما يأكلون شجر الغسلين يكون كالمسهل في بطونهم فيخرج كل ما في بطونهم وذلك هو الغسلين الذي يأكلونه ذلك الغسلين الذي لا يأكله إلا الخاطئون أي الذين ارتكبوا خطيئة الكفر والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها.
٢-المال الذي باع المفلسون فيه الأمة والملة لا يغني يوم القيامة عن صاحبه شيئا.
٣-التنديد بالكفر بالله وأهله.
٤-عظم جريمة منع الحقوق المالية من الزكاة وغيرها.
٢ صلى النار يصلاها إذا أصابه حرها أو استدفأ بها، ويعدى بالتضعييف فيقال صلاه النار وبالهمز أيضاً أصلاه يصليه ناراً.
٣ الطعام بمعنى الإطعام وضع موضعه كوضع العطاء موضع الإعطاء كما في قول الشاعر:
أكفراً بعد رد الموت عنى
وبعد عطائك المائه الرتاعا
الرتاع الإبل ترتع
٤الحميم هنا الغريب الذي يرق له ويدفع عنه المكروه، وهو مأخوذ من الماء الجار كأنه الصديق الذي يرق ويحترق قلبه له.
٥ الغسلين فعلين مأخوذ من الغسل كأنه ينغسل في أبدانهم وهو صديد أهل النار السائل من جروحهم وخروجهم قال الضحاك: الغسلين شجر وهو شر الطعام وأبشعه وهو من أطعمة أهل النار مثل الضريع والزقوم وبناء على ما ذكر أن الغسلين مجموع شجر اسمه الغسلين وما تجمع من صديد أهل النار من دم وعرق ونحوه فصدق عليه لفظ الغسلين وهذا من إعجاز القرآن البلاغي.