تمنى: أي تصب في الرحم.
فخلق فسوى: أي خلق الله منها الإنسان فسواه بتعديل أعضائه.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقوله تعالى ﴿كَلَّا﴾ أي ليس الأمر كما تحسب أيها الإنسان أن الله لا يجمع عظامك ولا يحييك ولا يجزيك انظر إليك وأنت على فراش الموت إلى أين يكون مساقك إذا بلغت روحك التراقي١ من عظام حلقك وقال عوادك وممرضوك هل من راق يريقك أو طبيب يداويك وأيقنت أنه الفراق لدنياك وأهلك وذويك، والتفت ساقك اليمنى باليسرى٢ وشدة فراقك الدنيا بشدة إقبالك على الآخرة هنا انظر إلى أين يذهب بك أما جسمك فإلى مقره في الأرض تواريك، وأما روحك فإلى ربك ليحكم فيك. وقد كذبت بآياته وكفرت بآلائه. فلا صدقت ولا صليت، ولكن كذبت وتوليت كان هذا نصيبك من دينك، وأما دنياك، فقد كنت تتمطى استكبارا وتتبختر إعجابا. إذاً ﴿أَوْلَى٣ لَكَ فَأَوْلَى﴾ أي وليك الهلاك في الدنيا ﴿ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ أي وليك العذاب في الآخرة وعودة إلى تقريعك وتوبيخك يا من كفرت ربك وتنكرت لأصلك اسمع ما يقال لك أحسبت أنك تترك سدى، تعيش سبهللا، لا تؤمر ولا تنهى، لا يؤخذ منك ولا تعطي كلا ألم تك قبل كفرك وجحودك نطفة قطرة ماء من منيّ تمنى قل بلى أو أولى لك فأولى، ثم كنت علقة فخلقك الله جل جلاله منها فسوىّ خلقك بتعديل أعضائك فجعل من نوعك الذكر والأنثى. قل لي بربك هل تنكر ذلك فإن قلت لا. قلنا أليس الله بقادر على أن يحي الموتى؟ سبحانك اللهم بلى. ٤
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- مشروعية الرقية إذا كانت بالقرآن أو الكلم الطيب.
٢- التنويه بشأن الزكاة والصلاة فرائض ونوافل.

١ التراقي جمع ترقوة وهي العظام المكتفة لنقرة النحر موضع الحشرجة قال دريد بن الصمة
ورب عظيمة دافعت عنهم
وقد بلغت نفوسهم التراقي
٢ أي التفت شدة فراقك الدنيا بشدة إقبالك على الآخرة هذا أحد وجهين في تفسير الآية وفي التفسير كلا الوجهين إلا أن في هذا خفاء فأوضحته هنا.
٣ ما هناك حاجة إلى أن يقال هذا في أبي جهل إذ هو خطاب لكل إنسان كافر مشرك ضال وسواء كان قد مضى أهو حاضر اليوم أو يأتي غدا إذ لفظ الإنسان في قوله تعالى أيحسب الإنسان لفظ عام).
٤ لقد أستمالني الأسلوب الأدبي فأخذت أخاطب الإنسان الهالك مقرعاً موبخاً بما تضمنته الآيات فهم مدلولها للاتعاظ والاهتداء بهديها، فإن لم يك هذا مرضياً فاعف عني واغفر لي. آمين.


الصفحة التالية
Icon