العلم الحديث فشرح الموضوع وأثبت أن ماء الرجل يخرج حقا مما ذكر الله تعالى في هذه الآية وأن ماء المرأة كذلك يخرج مما وصف عز وجل وصدق الله العظيم. وقوله تعالى ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ١ لَقَادِرٌ﴾ أي الذي خلقه مما ذكر من ماء دافق فجعله بشراً سوياً ثم أماته بعد أن كان حياً قادر على إرجاعه حياً كما كان وأعظم مما كان. وذلك يوم٢ تبلى السرائر أي تختبر٣ الضمائر وتكشف الأسرار وتعرف العقائد والنيات الصالحة من الفاسدة والسليمة من المعيبة ويومها ﴿فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ﴾ ليس لهذا الكافر والمكذب بالبعث والحياة الثانية ماله قوة يدفع بها عن نفسه عذاب ربه ولا ناصر ينصره فيخلصه من العذاب. وقوله تعالى ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ أقسم تعالى بالسماء ذات السحب والغيوم والأمطار، والأرض ذات التشقق عن النباتات والزروع المختلفة على أن القرآن الكريم قول فصل وحكم عدل في كل مختلف فيهمن الحق والباطل فما أخبر به وحكم فيه من أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها هو الحق الذي لا مرية فيه والصدق الذي لا كذب معه وقوله تعالى وما هو بالهزل أي وليس القرآن باللعب الباطل بل هو الحق من الله الذي لا باطل معه. وقوله تعالى ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً﴾ أي إن كفار قريش يمكرون بالنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبدعوته مكرا ويكدون لهم كيدا. وقوله ﴿وَأَكِيدُ كَيْداً﴾ أي وأنا أمكر بهم أكيد لهم كيدا فمن يغلب مكره وكيده الخالق المالك أم المخلوق المملوك؟ فمهل الكافرين يا رسولنا أمهلهم قليلا، فقد كتبنا في كتاب عندنا ﴿لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ وقد أنجز الله وعده لرسوله والمؤمنين فلم يمض إلا سنيات قلائل، ولم يبق في مكة من سلطان إلا الله، ولا من معبود يعبد إلا الله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير المعاد والبعث والجزاء.
٢- تقرير أن أعما العباد محصية محفوظة وأن الحساب يجري بحسبها.
٣- بيان مادة تكوين الإنسان ومصدر تكوين تلك المادة.
٤- التحذير من إسرار الشر وإخفاء الباطل، وإظهار خلاف ما في الضمائر، فإن الله تعالى عليم بذلك، وسيختبر عباده في كل ما يسرون ويخفون.
٢ تبلى نختبر وتمتحن لإظهار ما كان مستوراً مخبوءاً فيها من كفر وإيمان وخير وشر. ورد عن السلف أن الوضوء والغسل والصلاة والصيام والزكاة من السرائر، وأن حيض المرأة وحملها من السرائر إذ في إمكانها إخفاءه وإظهاره.
٣ السرائر جمع سريرة وهي ما يسر العبد ويخفيه في نفسه. وما يستره من أعماله. قال الأحوص:
سيبقى لها في مضمر اقلب والحشاء
سريرة ودٍ يوم تبلى السرائر