وقوله تعالى ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ هذه الجملة تعليلية لقدرة الله تعالى على أن يحفظ على رسوله القرآن فلا ينساه ومعنى يعلم الجهر وما يخفى أي أن الله تعالى يعلم ما يجهر به المرء من قراءة أو حديث وما يخفيه الكل يعلمه الله بخلاف عباده فإنهم لا يعلمون ما يخفى عليهم ويسر به وقوله تعالى ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ أي للطريقة السهلة الخالية من الحرج وهي الشريعة الإسلامية التي بنيت على أساس أن لا حرج في الدين (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله تعالى ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ١ الذِّكْرَى﴾ من آيسناك من إيمانهم أو لم تنفع. لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مأمور بالبلاغ فيبلغ الكافر والمؤمن ويذكر الكافر والمؤمن. والأمر بعد لله. وقوله تعالى ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ أي سيذكر ويتعظ من يخشي عقاب الله لإيمانه به ومعرفته له ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ أي الذكرى ﴿الأَشْقَى﴾ أي أشقى الفريقين فريق من يتذكر وفريق من لا يتذكر ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾ أي يدخل النار الكبرى نار يوم القيامة ﴿ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا﴾ من جراء عذابها فيستريح ﴿وَلا يَحْيَى﴾ ٢ فيهنأ ويسعد إذ الشقاء لازمه. وهذه حال أهل النار ونعوذ بالله من حال أهل النار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- وجوب تسبيح اسم الله وتنزيهه عما لا يليق به كوجوب تنزيه ذات الله تعالى عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله.
٢- مشروعية قول سبحان ربي الأعلى عند قراءة هذه الآية سبح اسم ربك الأعلى.
٣- وجوب التسبيح بها في السجود في كل سجدة من الصلاة سبحان ربي الأعلى ثلاثا فأكثر.
٤- مشروعية قراءة هذه السورة في الوتر فيقرأ في الركعة الأولى بالفاتحة والأعلى وفي الثانية بالفاتحة والكافرون، وفي ركعة الوتر بالفاتحة والصمد أو الصمد والمعوذتين.
٥- أحب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورة الأعلى لأنها سورة ربه وأن ربه بشره فيها بشارتين عظيمتين الأولى أنه ييسره لليسرى، ومن ثم ما خير رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين شيئين إلا اختار أيسرهما والثانية أنه حفظه من النسيان بأن جعله لا ينسى. ولذا كان يصلي بهذه السورة الجمع والأعياد والوتر في كل ليلة فصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

١ في الجملة تعريض بأن بين كفار قريش من لم تنفعهم الذكرى، ومع هذا فالتذكير متعين للجميع إقامة للحجة.
٢ قوله ولا يحيا في الجملة احتراس مما قد يظن أنه ما دام الجهنمي أنه لا يموت فسوف يحيى حياة عادية لا عذاب فيها فرفع هذا التوهم بهذه الجملة (ولا يحيى) أي حياة راحة من العذاب كما قال القائل:
ألا ما لنفس لا تموت فينقضي
عناها ولا تحيا حياة لها طعم


الصفحة التالية
Icon