﴿عَلَى الْهُدَى﴾ الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة وكرامتهما؟ ﴿أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾ أي أمر غيره بما يتقي به عذاب الدنيا والآخرة، هل الآمر بالهدى والتقوى أي بأسباب النجاة السعادة يعادي ويحارب؟ ويضرب ويهدد؟ إن هذا العجب العجاب. ويقول أرأيت يا رسولنا إن كذب هذا الذي ينهى عبدا إذا صلى أي كذب بالحق والدين وتولى عن الإيمان والشرع، كيف يكون حاله يوم يلقى ربه؟ ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى﴾ أن يرى أفعاله الاستفزازية المقيتة وتطاوله على رسول الله وتهديده له بالضرب إن وجده يصلي خلف المقام. بعد هذه الدعوة للطاغية لعله يرجع للحق إذا سمعه، وإذا به يزدادا طغيانا ويقول في مجلس قريش يقول واللات والعزى لئن رأيت محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه على التراب، وفعلا أتى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي ليطأ على ركبته فإذا به ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، فقيل له مالك فقال إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا وأنزل الله تعالى ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ أي صاحبها وهو أبو جهل أي لئن لم ينته عن أذية رسولنا وتعرضه له في صلاته ليمنعه منها لنأخذن بناصيته ونجره إلى جهنم عيانا. ﴿فَلْيَدْعُ﴾ حينئذ رجال ناديه ومجلس قومه فإنا ندعو الزبانية أي خزنة النار من الملائكة كلا فليرتدع هذا الطاغية وليعلم أنه لن يقدر على أن يصل إلى رسولنا بعد اليوم بأذى.
وقال تعالى لرسوله بعد تهديده للطاغية، وردعه له، وارتدع فعلا ولم يجرؤ بعد ذلك اليوم أن يمد لسانه، ولا يده بسوء لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿لا تُطِعْهُ﴾ فيما يطلب منك من ترك الصلاة في المسجد الحرام فقد كفيناك شره ﴿وَاقْتَرِبْ١﴾ إلينا بالطاعات ومن أهمها الصلاة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان سبب نزول الآيات كلا إن الإنسان ليطغى إلى آخر السورة.
٢- بيان طبع الإنسان إذا لم يهذب بالإيمان والتقوى.
٣- نصرة الله لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالملائكة عيانا في المسجد الحرام.
٤- تسجيل لعنة الله على فرعون الأمة أبي جهل وأنه كان أظلم قريش لرسول الله وأصحابه.
٥- مشروعية السجود عند تلاوة هذه السورة إذا قرأ فاسجد واقترب شرع له السجود٢ إلا أن يكون يصلي بجماعة في الصلاة السرية فلا يسجد لئلا يفتنهم.
٢ ورد في الذكر حال السجود أن الساجد يقول (سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق بحوله وقوته سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين. اللهم اكتب لي بها أجراً وامح عني بها وزراً وارفع لي بها ذكرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود).