ليروا أعمالهم: أي جزاء أعمالهم إما إلى الجنة وإما إلى النار.
مثقال ذرة: زنة نملة صغيرة.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا١﴾ أي تحركت حركتها الشديدة لقيام الساعة وأخرجت الأرض أثقالها من كنوز وذلك في النفخة الأولى، وأموات وذلك في النفخة الثانية ففي الإخبار إجمال إذ المقصود تقرير البعث والجزاء ليعمل الناس بما ينجيهم من النار ويدخلهم الجنة. وقوله ﴿وَقَالَ الْأِنْسَانُ مَا لَهَا؟﴾ ٢ لا شك أن هذا الإنسان السائل كان كافرا بالساعة ولذا تساءل أما المؤمن فهو يعلم ذلك لأنه جزء من عقيدته. وقوله تعالى ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا٣﴾ أي تخبر بما جرى عليها من خير وشر بلسان القال أو الحال. وهي في هذا الإخبار مأمورة لقوله تعالى ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ أي بذلك وقوله ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً٤﴾ أي يوم تزلزل الأرض وتهتز للنفخة الثانية نفخة يصدر الناس فيها أشتاتاً أي يصدرون من ساحة فصل القضاء فمن آخذ ذات اليمين ومن آخذ ذات الشمال ليروا أعمالهم أي جزاء أعمالهم في الدنيا من حسنة وسيئة فالحسنة تورث الجنة والسيئة تورث النار. وقوله تعالى ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً٥﴾ أي وزن ذرة من خير في الدنيا يثب عليه في الآخرة ومن يعمل مثقال ذرة أي وزن ذرة من شر في الدنيا يجز به في الآخرة إلا أن يعفو الجبار عز وجل وبما أن الكفر مانع من دخول الجنة فإن الكافر إذا عمل حسنة في الدنيا، وليس له في الآخرة شيء منها وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها إذ سألت الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عبد الله بن جدعان هل ينفعه في الآخرة ما كان يفعله في الدنيا من إطعام الحجيج وكسوتهم فقال لها. لا إنه لم يقل يوما من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. كما أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يأكل مع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزلت هذه الآية ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره﴾ الآية فرفع أبو بكر يده من الطعام وقال إني لراء ما عملت من خير وشر؟ فقال

١ إضافة الزلزال إلى ضمير الأرض لإفادة تمكنه منها وللإشارة إلى هوله وفظاعته لما عرف الناس من أهوال الزلزال إذا وقع والزلزال بكسر الزاء مصدر وبفتحها اسم مصدر. وهو مأخوذ من الزلل وهو زلق الرجلين. فلما قصدوا شدة الزلل ضاعفوا الفعل فقالوا في زل زلزل كما قالوا في كبه كبكبه.
٢ مالها استفهام ناشئ عن دهشة وحيرة للمفاجأة. أي ما للأرض زلزلت هذا الزلزال.
٣ روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ هذه الآية (يومئذ تحدث أخبارها) فقال أتدرون ما أخبارها؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، وتقول عمل يوم كذا وكذا فهذه أخبارها وجملة (يومئذ تحدث) جواب الشرط (إذا زلزلت).
٤ الأشتات جمع شت بمعنى متفرقين جماعات جماعات أصحاب يمين وأصحاب شمال.
٥ يحكى أن أعرابياً أخر (خيراً يره) فقيل له قدمت وأخرت فقال:
خذا بطن هرشى أو قفاها فإنه
كلا جانبي هرشى لهن طريق
وفات الأعرابي أن تقديم لفظ الخير تنويه به وبأهله ولذا قدم في الآية.


الصفحة التالية
Icon