القرآن أي يتفكروا فيه فيعرفوا الحق من الباطل والهدى من١ الضلال لأن القرآن نزل لبيان ذلك. أم على قلوب أقفالها أي بل على قلوب٢ لهم أقفالها أي اقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل الله في كتابه من المواعظ والعبر والحجج والأدلة والبراهين حتى يكون الله هو الذي يفتح تلك الأقفال، والله تعالى يقفل ويفتح حسب سنن له في ذلك وقد ذكرنا هذا المعنى مرات في بيان الهداية والإضلال، وقوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ٣ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ﴾ أي رجعوا إلى الكفر بقلوبهم دون ألسنتهم وهم المنافقون من بعد ما تبين لهم الهدى أي صدق الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحة دينه الإسلام هؤلاء المرتدون الشيطان سول لهم أي زين له ذلك الارتداد وأملى لهم أي واعدهم ممنياً لهم بطول العمر والبقاء الطويل في الحياة والعيش الطيب الواسع فيها وقوله تعالى ذلك أي الإضلال الذي حصل لهم بسبب أنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله من القرآن والشرائع وإبطال الشرك والشر والفساد وهم المشركون قالوا لهم سرا وخفية سنطيعكم في بعض الأمر، وذلك كعدم قتالكم وتثبيط الناس عن القتال إلى غير ذلك مما أسروه لإخوانهم المشركين. وقوله تعالى والله يعلم إسرارهم٤ يخبر تعالى انهم لما كانوا يسرون كلمات الكفر للمشركين كان تعالى مطلعا عليهم فهو يعلم إسرارهم وأسرارهم وها هو ذا قد أطلع عليهم رسوله والمؤمنين. وقوله تعالى فكيف أي حالهم إذا توفتهم الملائكة ملك الموت وأعوانه من ملائكة العذاب وهم يضربون بمقامع من حديد وجوههم وأدبارهم أي ظهورهم. وقوله تعالى ذلك أي العذاب النازل بهم بسبب أنهم اتبعوا ما أسخط الله من الكفر به وبرسوله. وكرهوا رضوانه أي ما يرضيه عنهم وهو الجهاد في سبيله فأحبط الله أعمالهم أي أبطلها فلم يثبهم عليها لأنهم مشركون كافرون وعمل المشرك والكافر باطل وهو خاسر.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- وجوب تدبر القرآن الكريم عند تلاوته أو سماعه وهو تفهم معانيه في حدود قدرة المسلم على الفهم.
٢ لم يقل على قلوبهم فنكر القلوب وقال: (على قلوب) لتدخل قلوب غيرهم فلا يكون خاصا بهم، والقفل: حديده يغلق بها الباب.
٣ اختلف في هؤلاء المرتدين فقال قتادة هم كفار أهل الكتاب وقال ابن عباس وغيره: هم المنافقون، وكونهم المنافقين أعم إذ من اليهود منافقون.
٤ قرأ نافع والجمهور (أسرارهم) بفتح الهمزة، وقرأ حفص (إسرارهم) بكسرها فالإسرار بالكسر: مصدر أسر إسرارا وبالفتح جمع سر.