رأينا في مقالة ابن عربي:
ولسنا ننكر على ابن عربي دعواه أن ثم أفهاما يلقيها الله في قلوب أصفيائه وأحبابه، نحصهم بها دون غيرهم على تفاوت بينهم في ذلك بمقدار ما بينهم من تفاوت في درجات السلوك ومراتب الوصول، كما لا ننكر عليه أن تكون هذه الأفهام مرادة لله من كلامه، ولكن بشرط أن تكون داخلة تحت مدلول النص القرآني وأن يكون لها شاهد شرعي يؤيدها كما قلنا، أما أن تكون هذه الأفهام خارجة عن مدلول اللفظ القرآني وليس لها من الشرع ما يؤيدها، فذلك ما لا يمكن أن نقبله على أنه تفسير للآية وبيان لمراد الله منها لأن القرآن عربي قبل كل شيء، والله- سبحانه- يقول في شأنه: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ١ وحاشا لله أن يلغز في آياته، أو يعمي على عباده طريق النظر في كتابه وهو يقول: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ ٢.
يقولون: إنهم يدركون بعض المعاني بعين اليقين، إذا فلابد لمن يريد أن يحكم على القوم حكما صحيحا أن يجتهد في الوصول إلى ما وصلوا إليه بالعيان دون أن يطلبه عن طريق البيان، فإنه طور وراء طور العقل، والشاعر يقول:
علم التصوف علم ليس يعرف | إلا أخو فطنة بالحق معروف |
وليس يعرفه من ليس يشهد | وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف٣ |
٢ الآية (١٧) من سورة القمر وفي مواضع أخرى من السورة
٣ نفسها. "٣" كشف الظنون ج١ص ٢٢٢.