ويقول ابن خلدون "وليس البرهان والدليل بنافع في هذه الطريق ردا وقبولا، إذ هي من قبيل الوجدانيات" ١.
ويقول الآلوسي في مقدمة تفسيره: "فالإنصاف كل الإنصاف التسليم للسادة الصوفية الذين هم مراكز الدائرة المحمدية ما هم عليه، واتهام ذهنك السقيم فيما لم يصل- لكثرة العوائق والعلائق- إليه.
وإذا لم تر الهلال فسلم | لأناس رأوه بالأبصار" ٢ |
ويقول الآلوسي أيضا بعد أن نقل عن ابن عربي ما قاله في تفسير الفاتحة في فتوحاته: "فإذا وقع الجدار، وانهدم السور، وامتزجت الأنهار، والتقى البحران، وعدم البرزخ صار العذاب نعيما، وجهنم جنة، ولا عذاب ولا عقاب إلا نعيم وأمان بمشاهدة العيان... الخ ".. يقول الآلوسي بعد نقله لهذا الكلام الغريب: "وهذا وأمثاله محمول على معنى صحيح يعرفه أهل الذوق، ولا ينافي ما وردت به القواطع.. " ثم قال: "وإياك أن تقول بظاهره مع ما أنت عليه، وكلما وجدت مثل هذا لأحد من أهل الله تعالى فسلمه لهم بالمعنى الذي أراده مما لا تعلمه أنت ولا أنا لا بالمعنى الذي ينقدح في عقلك المشوب بالأوهام، فالأمر- والله- وراء ذلك"٣.
ومثل هذه الأقوال أشبه ما تكون بالإكراه لنا على قبول وجدانيات القوم وشطحاتهم مهما أوغلت في البعد والغرابة، وتوريط لنا بتسليم كل ما يقولون تحت تأثير مالهم في مجال التصوف والمتصوفة من شهرة علمية، ومكانة دينية، ومهما يكن من شيء فأنا عند رأي وهو: أن هذه التفاسير الإشارية، مزلة قدم لمن لم يعرف مقاصد القوم، وليتهم احتفظوا بها