برنامجه عن هذا التفسير، وإنما بَنَى حُكَمُهُ على الظَّنّ والتّخمين وليس على الحقيقة واليقين، فهذا التّقدير الذي انتهى إليه الدكتور محمد حجي مَبْنيُّ على تفسير القرآن كاملاََ، والّذي ثبت أنّ ابن أبي الربيع لم يكمل الجزء السّابع من أَجزاء القرآن الكريم للسَّبب الّذي أورده التجيبي، وهو ثقة فيما أخبر به، وعليه يُعَوّل فيما يَتَعلّق بهذا التفسير، وَصفاً وتوثيقاً.
المبحث الثاني: منهج ابن أبي الربيع في عرض مادة الكتاب
تناول ابن أبي الربيع في هذا السفر من تفسير الكتاب العزيز وإعرابه العلوم المساعدة على فهم نصوص الكتاب الحكيم وبيان مقاصده، وهي علوم العربية من نحو وصَرفٍ وبلاغة، لأن تحصيل هذه العلوم مُعينٌ على فهم آيات الكتاب الحكيم، وعلى فهم سائر النصوص العربيّة نثراً وشعراً، ويبيّن فحواها ومنطوقها، لأنَّ المعاني تبقى مُستكِنّة في النص حتى تكشف بأنه البيان من تفسير الغريب، وتحليل التراكيب، وتوجيه النص على مقتضى العربيّة في وضوح العبارة وسلامة التراكيب وحسن البيان، ولما كانت مُهِمّة العربيّة هي فهم النصوص وتحرير معانيها أهتم بها سلفنا من العلماء، وأوصوا الدَّارسين بالنظر في علوم العربيّة قبل غيرها من العلوم ليتأتى لهم فهم العلوم الشرعية فهماً سليماً، لأن مَنْ حَسُنَ نظره في علوم العربية توجه له النظر في غيرها، وجرى في تحصيله على وجه السداد، وأخذ في المعرفة مأخذ أهل التّحقيق والاجتهاد ومن هذا التوجه عند المتقدمين ينطلق عمل ابن أبي الربيع في هذا السفر من تفسيره فقد رأى أنها وسيلة الفهم في تجلية معاني النصوص وكشف مكنونها، فأولى القضايا النحوية والصرفية واللغوية جلّ عنايته، وناقش أكثر المسائل مناقشة تنم عن علمٍ وَسِعة اطّلاع على مصادر التراث في مختلف فنونه، كما برزتْ شخصيته العلميّة في المناقشة ونقد الأقوال التي لا تقف مع منهج المتقدمين في الاحتكام إلى الأصول المعتَبرة من السماع والقياس الصحيح أو الاتساع فيما لم يرد به سماع موثوق ولا يُحملُ على وجه في القياس.